responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 45


ثُمَّ خَفَّفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُمْ عِنْدَ قُوَّةِ الْإِسْلَامِ وَكَثْرَةِ أَهْلِهِ فَأَوْجَبَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ لَاقَى الْعَدُوَّ أَنْ يُقَاتِلَ رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ .
فَقَالَ : * ( الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ، فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ، وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاَللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) * .
وَحَرَّمَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَنْهَزِمَ مِنْ مِثْلَيْهِ إلَّا لِإِحْدَى حَالَتَيْنِ : إمَّا أَنْ يَتَحَرَّفَ لِقِتَالٍ فَيُوَلِّي لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ لِمَكِيدَةٍ وَيَعُودُ إلَى قِتَالِهِمْ ، وَإِمَّا أَنْ يَتَحَيَّزَ إلَى فِئَةٍ أُخْرَى يَجْتَمِعُ مَعَهَا عَلَى قِتَالِهِمْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : * ( وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ) * .
وَسَوَاءٌ قَرُبَتْ الْفِئَةُ الَّتِي يَتَحَيَّزُ إلَيْهَا أَوْ بَعُدَتْ فَقَدْ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَهْلِ الْقَادِسِيَّةِ حِينَ انْهَزَمُوا إلَيْهِ أَنَا فِئَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ، وَيَجُوزُ إذَا زَادُوا عَلَى مِثْلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ إلَى الْمُصَابَرَةِ سَبِيلًا أَنْ يُوَلِّيَ عَنْهُمْ غَيْرَ مُتَحَرِّفٍ لِقِتَالٍ وَلَا مُتَحَيِّزٍ إلَى فِئَةٍ ، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ .
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِيمَنْ عَجَزَ عَنْ مُقَاوَمَةِ مِثْلَيْهِ وَأَشْرَفَ عَلَى الْقَتْلِ فِي جَوَازِ انْهِزَامِهِ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ عَنْهُمْ مُنَهَزِّمًا وَإِنْ قُتِلَ لِلنَّصِّ فِيهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ نَاوِيًا أَنْ يَتَحَرَّفَ لِقِتَالٍ أَوْ يَتَحَيَّزَ إلَى فِئَةٍ لِيَسْلَمَ مِنْ الْقَتْلِ وَمَا ثَمَّ خِلَافٌ ، فَإِنَّهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمُصَابَرَةِ فَلَيْسَ يَعْجَزُ عَنْ هَذِهِ النِّيَّةِ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا اعْتِبَارَ بِهَذَا التَّفْصِيلِ وَالنَّصُّ فِيهِ مَنْسُوخٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يُقَاتِلَ مَا أَمْكَنَهُ وَيَنْهَزِمَ إذَا عَجَزَ وَخَافَ الْقَتْلَ .
وَالثَّانِي أَنْ يَقْصِدَ بِقِتَالِهِ نُصْرَةَ دَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِبْطَالِ مَا خَالَفَهُ مِنْ الْأَدْيَانِ : * ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) * .
فَيَكُونُ بِهَذَا الِاعْتِقَادِ حَائِزًا لِثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَمُطِيعًا لَهُ فِي أَوَامِرِهِ وَنُصْرَةِ دِينِهِ وَمُسْتَنْصِرًا بِهِ عَلَى عَدُوِّهِ لِيَسْتَهِلَّ مَا لَاقِي ، فَيَكُونُ أَكْثَرَ ثَبَاتًا وَأَبْلَغَ نِكَايَةً ، وَلَا يَقْصِدُ بِجِهَادِهِ اسْتِفَادَةَ الْمَغْنَمِ فَيَصِيرُ مِنْ الْمُكْتَسِبِينَ لَا مِنْ الْمُجَاهِدِينَ ، * ( فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَمَعَ أَسْرَى بَدْرٍ وَكَانُوا أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ رَجُلًا بَعْدَ أَنْ قَتَلَ فِي الْمَعْرَكَةِ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ مِثْلَهُمْ شَاوَرَ أَصْحَابَهُ فِيهِمْ فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اُقْتُلْ أَعْدَاءَ اللَّهِ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ وَرُؤوسَ الضَّلَالَةِ فَإِنَّهُمْ

45

نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست