responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 241


بَيْنَ وَالِي الْحِسْبَةِ وَإِنْ كَانَ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْمُتَطَوِّعِينَ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ التِّسْعَةِ .
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمِنْ شُرُوطِ وَالِي الْحِسْبَةِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا عَدْلًا ذَا رَأْيٍ وَصَرَامَةٍ وَخُشُونَةٍ فِي الدِّينِ وَعِلْمٍ بِالْمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ فِيمَا يُنْكِرُهُ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا عَلَى رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ أَمْ لَا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ عَلَى رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ ، فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي أَحْكَامِ الدِّينِ لِيَجْتَهِدَ رَأْيَهُ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَلَا يَقُودَهُمْ إلَى مَذْهَبِهِ لِتَسْوِيغِ الِاجْتِهَادِ لِلْكَافَّةِ ، وَفِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُحْتَسِبُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ إذَا كَانَ عَارِفًا بِالْمُنْكَرَاتِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا ( فَصْلٌ ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْحِسْبَةَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ أَحْكَامِ الْقَضَاءِ وَأَحْكَامِ الْمَظَالِمِ ، فَأَمَّا مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْقَضَاءِ فَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِأَحْكَامِ الْقَضَاءِ مِنْ وَجْهَيْنِ ، وَمَقْصُورَةٌ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ ، وَزَائِدَةٌ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ : فَأَمَّا الْوَجْهَانِ فِي مُوَافَقَتِهَا لِأَحْكَامِ الْقَضَاءِ .
فَأَحَدُهُمَا جَوَازُ الِاسْتِعْدَاءِ إلَيْهِ وَسَمَاعِهِ دَعْوَى الْمُسْتَعْدِي عَلَى الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ ، وَلَيْسَ هَذَا عَلَى عُمُومِ الدَّعَاوَى ، وَإِنَّمَا يَخْتَصُّ بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الدَّعْوَى : أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِبَخْسٍ وَتَطْفِيفٍ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ .
وَالثَّانِي مَا يَتَعَلَّقُ بِغِشٍّ أَوْ تَدْلِيسٍ فِي مَبِيعٍ أَوْ ثَمَنٍ .
وَالثَّالِثُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَطْلٍ وَتَأْخِيرٍ لِدَيْنٍ مُسْتَحَقٍّ مَعَ الْمُكْنَةِ ، وَإِنَّمَا جَازَ نَظَرُهُ فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الدَّعَاوَى دُونَ مَا عَدَاهَا مِنْ سَائِرِ الدَّعَاوَى لِتَعَلُّقِهَا بِمُنْكَرٍ ظَاهِرٍ هُوَ مَنْصُوبٌ لِإِزَالَتِهِ وَاخْتِصَاصِهَا بِمَعْرُوفٍ بَيِّنٍ هُوَ مَنْدُوبٌ إلَى إقَامَتِهِ ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْحِسْبَةِ إلْزَامُ الْحُقُوقِ وَالْمَعُونَةِ عَلَى اسْتِيفَائِهَا ، وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ فِيهَا أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ إلَى الْحُكْمِ النَّاجِزِ وَالْفَصْلِ الْبَاتِّ ، فَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْ الْمُوَافَقَةِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ لَهُ إلْزَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا عَلَى الْعُمُومِ فِي كُلِّ الْحُقُوقِ ، وَإِنَّمَا هُوَ خَاصٌّ فِي الْحُقُوقِ الَّتِي جَازَ لَهُ سَمَاعُ الدَّعْوَى فِيهَا ، وَإِذَا وَجَبَتْ بِاعْتِرَافٍ وَإِقْرَارٍ مَعَ تَمَكُّنِهِ وَإِيسَارِهِ فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ الْمُوسِرَ الْخُرُوجُ مِنْهَا وَدَفْعُهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا ؛ لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِهِ لَهَا مُنْكَرًا هُوَ مَنْصُوبٌ لِإِزَالَتِهِ .

241

نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست