فَأَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْئًا أَلْحَقَ قَتْلَهُ إلَّا شَارِبَ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ شَيْءٌ رَأَيْنَاهُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنْ حُدَّ شَارِبُ الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ فَمَاتَ مِنْهَا كَانَتْ نَفْسُهُ هَدَرًا ، وَإِنْ حُدَّ ثَمَانِينَ فَمَاتَ ضُمِنَتْ نَفْسُهُ .وَفِي قَدْرِ مَا يُضْمَنُ مِنْهَا قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا جَمِيعُ دِيَتِهِ لِمُجَاوَزَتِهِ النَّصَّ فِي حَدِّهِ .وَالثَّانِي نِصْفُ دِيَتِهِ ؛ لِأَنَّ نِصْفَ حَدِّهِ نَصٌّ وَنِصْفَهُ مَزِيدٌ .وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ شَرِبَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا حَرَامٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ ، وَإِنْ شَرِبَهَا لِعَطَشٍ حُدَّ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرْوِي ، وَإِنْ شَرِبَهَا لِدَاءٍ لَمْ يُحَدَّ ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَبْرَأُ بِهَا ، وَإِذَا اعْتَقَدَ إبَاحَةَ النَّبِيذِ حُدَّ ، وَإِنْ كَانَ فِي عَدَالَتِهِ ، وَلَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ حَتَّى يُقِرَّ بِشُرْبِ الْخَمْرِ الْمُسْكِرِ أَوْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ شَرِبَ مُخْتَارًا مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ .وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ أَحُدُّهُ لِلسُّكْرِ ، وَهَذَا سَهْوٌ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُكْرَهُ عَلَى شُرْبِ الْمُسْكِرِ .وَحُكْمُ السَّكْرَانِ فِي جَرَيَانِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ كَالصَّاحِي إذَا كَانَ عَاصِيًا بِسُكْرِهِ ، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الْمَعْصِيَةِ لِإِكْرَاهِهِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ مَا لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُسْكِرٌ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ قَلَمٌ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ .وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْمُسْكِرِ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّ حَدَّ السُّكْرِ مَا زَالَ مَعَهُ الْعَقْلُ حَتَّى لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَلَا يَعْرِفَ أُمَّهُ مِنْ زَوْجَتِهِ ، وَحَدَّهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ مَا أَفْضَى بِصَاحِبِهِ إلَى أَنْ يَتَكَلَّمَ بِلِسَانٍ مُنْكَسِرٍ وَمَعْنًى غَيْرِ مُنْتَظِمٍ وَيَتَصَرَّفَ بِحَرَكَةِ مُخْتَبِطٍ وَمَشْيِ مُتَمَايِلٍ وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ اضْطِرَابِ الْكَلَامِ فَهْمًا وَإِفْهَامًا وَبَيْنَ اضْطِرَابِ الْحَرَكَةِ مَشْيًا وَقِيَامًا صَارَ دَاخِلًا فِي حَدِّ السُّكْرِ ، وَمَا زَادَ عَلَى هَذَا فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي حَدِّ السُّكْرِ الْفَصْلُ الرَّابِعُ : فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ حَدُّ الْقَذْفِ بِالزِّنَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً ، وَرَدَ النَّصُّ بِهَا وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهَا ، لَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا ، وَهُوَ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ يُسْتَحَقُّ بِالطَّلَبِ وَيَسْقُطُ بِالْعَفْوِ ، فَإِذَا اجْتَمَعَتْ فِي الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَا خَمْسَةُ شُرُوطٍ ، وَفِي الْقَاذِفِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ وَجَبَ الْحَدُّ فِيهِ .أَمَّا الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ فِي الْمَقْذُوفِ فَهِيَ : أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا حُرًّا عَفِيفًا ،