الْإِمَامَةِ فِي عَقْدٍ وَلَا اسْتِدَامَةٍ ، وَهُوَ مَا لَا يُؤَثِّرُ فَقْدُهُ فِي رَأْيٍ وَلَا عَمَلٍ وَلَا نُهُوضٍ وَلَا يَشِينُ فِي الْمَنْظَرِ ، وَذَلِكَ مِثْلُ قَطْعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ ، فَلَا يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ الْإِمَامَةِ وَلَا مِنْ اسْتِدَامَتِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّ فَقْدَ هَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ يُؤَثِّرُ فِي التَّنَاسُلِ دُونَ الرَّأْيِ وَالْحِنْكَةِ فَيَجْرِي مَجْرَى الْعُنَّةِ .وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِذَلِكَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ : * ( وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ ) * .وَفِي الْحَصُورِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهُ الْعِنِّينُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى إتْيَانِ النِّسَاءِ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ .وَالثَّانِي أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَكَرٌ يَغْشَى بِهِ النِّسَاءَ أَوْ كَانَ كَالنَّوَاةِ قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، فَلَمَّا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ النُّبُوَّةِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ الْإِمَامَةِ ، وَكَذَلِكَ قَطْعُ الْأُذُنَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَا يُؤَثِّرَانِ فِي رَأْيٍ وَلَا عَمَلٍ وَلَهُمَا شَيْنٌ خَفِيٌّ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَتِرَ فَلَا يَظْهَرَ .وَالْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ الْإِمَامَةِ وَمِنْ اسْتِدَامَتِهَا ، وَهُوَ مَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ كَذَهَابِ الْيَدَيْنِ أَوْ مِنْ النُّهُوضِ كَذَهَابِ الرِّجْلَيْنِ ، فَلَا تَصِحُّ مَعَهُ الْإِمَامَةُ فِي عَقْدٍ وَلَا اسْتِدَامَةٍ لِعَجْزِهِ عَمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ حُقُوقِ الْأُمَّةِ فِي عِلْمٍ أَوْ نَهْضَةٍ .وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ الْإِمَامَةِ ، وَاخْتُلِفَ فِي مَنْعِهِ مِنْ اسْتِدَامَتِهَا وَهُوَ مَا ذَهَبَ بِهِ بَعْضُ الْعَمَلِ أَوْ فَقَدَ بِهِ بَعْضَ النُّهُوضِ كَذَهَابِ إحْدَى الْيَدَيْنِ أَوْ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ فَلَا يَصِحُّ مَعَهُ عَقْدُ الْإِمَامَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ كَمَالِ التَّصَرُّفِ ، فَإِنْ طَرَأَ بَعْدَ عَقْدِ الْإِمَامَةِ فَفِي خُرُوجِهِ مِنْهَا مَذْهَبَانِ لِلْفُقَهَاءِ : أَحَدُهُمَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْإِمَامَةِ لِأَنَّهُ عَجْزٌ يَمْنَعُ مِنْ ابْتِدَائِهَا فَمَنَعَ مِنْ اسْتِدَامَتِهَا .وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْإِمَامَةِ وَإِنْ مَنَعَ مِنْ عَقْدِهَا ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي عَقْدِهَا كَمَالُ السَّلَامَةِ وَفِي الْخُرُوجِ مِنْهَا كَمَالُ النَّقْصِ .وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ مَا لَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِدَامَةِ الْإِمَامَةِ ، وَاخْتُلِفَ فِي مَنْعِهِ مِنْ ابْتِدَاءِ عَقْدِهَا وَهُوَ مَا شَانَ وَقَبَّحَ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي عَمَلٍ وَلَا فِي نَهْضَةٍ كَجَدْعِ الْأَنْفِ وَسَمْلِ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ ، فَلَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْإِمَامَةِ بَعْدَ عَقْدِهَا لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهَا .وَفِي مَنْعِهِ مِنْ ابْتِدَاءِ عَقْدِهَا مَذْهَبَانِ لِلْفُقَهَاءِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهَا لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ فِي حُقُوقِهَا ، وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ الْإِمَامَةِ وَتَكُونُ السَّلَامَةُ مِنْهُ شَرْطًا مُعْتَبَرًا فِي عَقْدِهَا لِيَسْلَمَ وُلَاةُ الْمِلَّةِ مِنْ شَيْنٍ يُعَابُ وَنَقْصٌ يُزْدَرَى فَتَقِلُّ بِهِ الْهَيْبَةُ ، وَفِي قِلَّتِهَا نُفُورٌ عَنْ الطَّاعَةِ ، وَمَا أَدَّى إلَى هَذَا فَهُوَ نَقْصٌ فِي حُقُوقِ الْأُمَّةِ .( فَصْلٌ ) وَأَمَّا نَقْصُ التَّصَرُّفِ فَضَرْبَانِ : حَجْرٌ وَقَهْرٌ .فَأَمَّا الْحَجْرُ فَهُوَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ مِنْ أَعْوَانِهِ مَنْ يَسْتَبِدُّ بِتَنْفِيذِ الْأُمُورِ مِنْ غَيْرِ تَظَاهُرٍ بِمَعْصِيَةٍ وَلَا مُجَاهَرَةٍ بِمُشَاقَّةٍ ، فَلَا يَمْنَعُ