responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 189


وَلِلسُّلْطَانِ فِيهِمْ مِنْ النَّظَرِ مَا يُوجِبُهُ الِاخْتِيَارُ مِنْ إقْرَارِهِ أَوْ إنْكَارِهِ ، فَإِذَا أَرَادَ مَنْ هُوَ لِذَلِكَ أَهْلٌ أَنْ يَتَرَتَّبَ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ لِتَدْرِيسٍ أَوْ فُتْيَا نُظِرَ حَالُ الْمَسْجِدِ ، فَإِنْ كَانَ مَسَاجِدُ الْمُحَالِ الَّتِي لَا يَتَرَتَّبُ الْأَئِمَّةُ فِيهَا مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَرَتُّبٍ فِيهِ لِلتَّدْرِيسِ وَالْفُتْيَا اسْتِئْذَانُ السُّلْطَانِ فِي جُلُوسِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُ مِنْ تَرْتِيبٍ لِلْإِمَامَةِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْجَوَامِعِ وَكِبَارِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي تَرَتَّبَ الْأَئِمَّةُ فِيهَا بِتَقْلِيدِ السُّلْطَانِ رُوعِيَ فِي ذَلِكَ عُرْفُ الْبَلَدِ وَعَادَتُهُ فِي جُلُوسِ أَمْثَالِهِ ، فَإِنْ كَانَ لِلسُّلْطَانِ فِي جُلُوسِ مِثْلِهِ نَظَرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَرَتَّبَ لِلْجُلُوسِ فِيهِ إلَّا عَنْ إذْنِهِ كَمَا لَا يَتَرَتَّبُ لِلْإِمَامَةِ فِيهِ إلَّا عَنْ إذْنِهِ لِئَلَّا يُفْتَاتَ عَلَيْهِ فِي وِلَايَتِهِ .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلسُّلْطَانِ فِي مِثْلِهِ نَظَرٌ مَعْهُودٌ لَمْ يَلْزَمْ اسْتِئْذَانُهُ لِلتَّرْتِيبِ فِيهِ ، وَصَارَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ ؛ وَإِذَا ارْتَسَمَ بِمَوْضِعٍ مِنْ جَامِعٍ أَوْ مَسْجِدٍ فَقَدْ جَعَلَهُ مَالِكٌ أَحَقَّ بِالْمَوْضِعِ إذَا عُرِفَ بِهِ .
وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ هَذَا يُسْتَعْمَلُ فِي عُرْفِ الِاسْتِحْسَانِ ، وَلَيْسَ بِحَقٍّ مَشْرُوعٍ .
وَإِذَا قَامَ عَنْهُ زَالَ حَقُّهُ مِنْهُ وَكَانَ السَّابِقُ إلَيْهِ أَحَقَّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : * ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) * .
وَيُمْنَعُ النَّاسُ فِي الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ مِنْ اسْتِطْرَاقِ حَلَقِ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ صِيَانَةً لِحُرْمَتِهَا .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
* ( لَا حِمَى إلَّا فِي ثَلَاثٍ : ثُلَّةُ الْبِئْرِ ، وَطِوَلُ الْفَرَسِ ، وَحَلَقَةُ الْقَوْمِ فَأَمَّا ثُلَّةُ الْبِئْرِ فَهُوَ مُنْتَهَى حَرِيمِهَا .
وَأَمَّا طِوَلُ الْفَرَسِ فَهُوَ مَا دَار فِيهِ بِمَقُودِهِ إذَا كَانَ مَرْبُوطًا ، وَأَمَّا حَلَقَةُ الْقَوْمِ فَهُوَ اسْتِدَارَتُهُمْ فِي الْجُلُوسِ لِلتَّشَاوُرِ وَالْحَدِيثِ ) * .
وَإِذَا تَنَازَعَ أَهْلُ الْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِمْ فِيهِ إلَّا أَنْ يَحْدُثَ بَيْنَهُمْ تَنَافُرٌ فَيُكَفُّوا عَنْهُ ، وَإِنْ حَدَثَ مُنَازِعٌ ارْتَكَبَ مَا لَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ كُفَّ عَنْهُ وَمُنِعَ مِنْهُ ، فَإِنْ أَقَامَ عَلَيْهِ ، وَتَظَاهَرَ بِاسْتِغْوَاءِ مَنْ يَدْعُو إلَيْهِ لَزِمَ السُّلْطَانَ أَنْ يَحْسِمَ بِزَوَاجِرِ السَّلْطَنَةِ ظُهُورَ بِدْعَتِهِ وَيُوَضِّحَ بِدَلَائِلِ الشَّرْعِ فَسَادَ مَقَالَتِهِ ، فَإِنَّ لِكُلِّ بِدْعَةٍ مُسْتَمِعًا ، وَلِكُلِّ مُسْتَغْوٍ مُتَّبِعًا ، وَإِذَا تَظَاهَرَ بِالصَّلَاحِ مَنْ اسْتَبْطَنَ مَا سِوَاهُ تُرِكَ ، وَإِذَا تَظَاهَرَ بِالْعِلْمِ مَنْ عُرِّيَ مِنْهُ هُتِكَ ؛ لِأَنَّ الدَّاعِيَ إلَى صَلَاحٍ لَيْسَ فِيهِ مُصْلِحٌ وَالدَّاعِي إلَى عِلْمٍ لَيْسَ فِيهِ مُضِلٌّ .

189

نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست