عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ ، وَمِنْ طَرِيقِ الْجِعْرَانَةِ بِشُعَبِ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ عَلَى تِسْعَةِ أَمْيَالٍ ، وَمِنْ طَرِيقِ الطَّائِفِ عَلَى عَرَفَةَ مِنْ بَطْنِ نَمِرَةَ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ ، وَمِنْ طَرِيقِ جُدَّةَ مُنْقَطِعُ الْعَشَائِرِ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ ، فَهَذَا حَدُّ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَرَمًا لِمَا اخْتَصَّ بِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَبَايَنَ بِحُكْمِهِ سَائِرَ الْبِلَادِ .قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : * ( وَإِذْ قَالَ إبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا ) * .يَعْنِي مَكَّةَ وَحَرَمَهَا .* ( وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ ) * لِأَنَّهُ كَانَ وَادِيًا غَيْرَ ذِي زَرْعٍ ، فَسَأَلَ اللَّهَ - تَعَالَى - أَنْ يَجْعَلَ لِأَهْلِهِ الْأَمْنَ وَالْخِصْبَ لِيَكُونُوا بِهِمَا فِي رَغَدٍ مِنْ الْعَيْشِ ، فَأَجَابَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - إلَى مَا سَأَلَ ، فَجَعَلَهُ حَرَمًا آمِنًا يُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ ، وَجَبَا إلَيْهِ ثَمَرَاتِ كُلِّ بَلَدٍ حَتَّى جَمَعَهَا فِيهِ .وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا هَلْ صَارَتْ حَرَمًا آمِنًا بِسُؤَالِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ كَانَتْ قَبْلَهُ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ .أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ حَرَمًا آمِنًا بِسُؤَالِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ الْجَبَابِرَةِ وَالْمُسَلَّطِينَ وَمِنْ الْخُسُوفِ وَالزَّلَازِلِ ، وَإِنَّمَا سَأَلَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ حَرَمًا آمِنًا مِنْ الْجَدْبِ وَالْقَحْطِ وَأَنْ يَرْزُقَ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ لِرِوَايَةِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ : * ( أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَهِيَ حَرَامٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا أَوْ يَعْضُدَ بِهَا شَجَرًا ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي ، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إلَّا هَذِهِ السَّاعَةَ غَضَبًا عَلَى أَهْلِهَا ، أَلَا وَهِيَ قَدْ رَجَعَتْ عَلَى حَالِهَا بِالْأَمْسِ ، أَلَا لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، فَمَنْ قَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قَتَلَ بِهَا أَحَدًا فَقُولُوا إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحَلَّهَا لِرَسُولِهِ وَلَمْ يُحِلَّهَا لَكَ ) * .وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ مَكَّةَ كَانَتْ حَلَالًا قَبْلَ دَعْوَةِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَسَائِرِ الْبِلَادِ وَأَنَّهَا صَارَتْ بِدَعْوَتِهِ حَرَمًا آمِنًا حِينَ حَرَّمَهَا ، كَمَا صَارَتْ الْمَدِينَةُ بِتَحْرِيمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ