responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 163


قَوِيَ أَمَلُهُمْ وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ سَيَتَقَدَّمُونَ عَلَى الْعَرَبِ وَكَانَ فُضَلَاؤُهُمْ وَذَوُو الرَّأْيِ وَالتَّجْرِبَةِ مِنْهُمْ يَتَخَيَّلُونَ أَنَّ ذَلِكَ لِرِيَاسَةٍ فِي الدِّينِ وَتَأْسِيسٍ لِنُبُوَّةٍ سَتَكُونُ ؛ لِأَنَّهُمْ تَمَسَّكُوا مِنْ أُمُورِ الْكَعْبَةِ بِمَا هُوَ بِالدِّينِ أَخَصُّ ، فَأَوَّلُ مَنْ شَعَرَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ وَأَلْهَمَهُ كَعْبُ بْنُ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَجْتَمِعُ إلَيْهِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ .
وَكَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ عُرُوبَةً فَسَمَّاهُ كَعْبٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَكَانَ يَخْطُبُ فِيهِ عَلَى قُرَيْشٍ فَيَقُولُ عَلَى مَا حَكَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ : وَأَمَّا بَعْدُ فَاسْمَعُوا وَتَعَلَّمُوا وَافْهَمُوا ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّيْلَ سَاجٍ وَالنَّهَارَ صَاحٍ ، وَالْأَرْضَ مِهَادٌ وَالْجِبَالَ أَوْتَادٌ ، وَالسَّمَاءَ بِنَاءٌ وَالنُّجُومَ أَعْلَامٌ ، وَالْأَوَّلِينَ كَالْآخَرِينَ وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى زَوْجٌ إلَى أَنْ يَأْتِيَ مَا يَهِيجُ ، فَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَاحْفَظُوا أَصْهَارَكُمْ وَثَمِّرُوا أَمْوَالَكُمْ ، فَهَلْ رَأَيْتُمْ مِنْ هَالِكٍ رَجَعَ أَوْ مَيِّتٍ انْتَشَرَ ، وَالدَّارُ أَمَامَكُمْ وَالظَّنُّ غَيْرُ مَا تَقُولُونَ ، حَرَمُكُمْ زَيِّنُوهُ وَعَظِّمُوهُ وَتَمَسَّكُوا بِهِ فَسَيَأْتِي لَهُ نَبَأٌ عَظِيمٌ وَسَيَخْرُجُ مِنْهُ نَبِيٌّ كَرِيمٌ .
ثُمَّ يَقُولُ ( مِنْ الطَّوِيلِ ) :
نَهَارٌ وَلَيْلٌ كُلَّ يَوْمٍ بِحَادِثٍ * سَوَاءٌ عَلَيْنَا لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا يَئُوبَانِ بِالْأَحْدَاثِ فِينَا تَأَوُّبًا * وَبِالنِّعَمِ الضَّافِي عَلَيْنَا سُتُورُهَا صُرُوفٌ وَأَنْبَاءٌ تُقَلِّبُ أَهْلَهَا * لَهَا عُقَدٌ مَا يَسْتَحِيلُ مَرِيرُهَا عَلَى غَفْلَةٍ يَأْتِي النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ * فَيُخْبِرُ أَخْبَارًا صَدُوقًا خَبِيرُهَا ثُمَّ يَقُولُ : أَمَا وَاَللَّهِ لَئِنْ كُنْتُ فِيهَا ذَا سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَيَدٍ وَرِجْلٍ لَتَنَصَّبْتُ فِيهَا تَنَصُّبَ الْجَمَلِ وَلَأَرْقَلْتُ فِيهَا إرْقَالَ الْفَحْلِ ، ثُمَّ يَقُولُ ( مِنْ الْبَسِيطِ ) :
يَا لَيْتَنِي شَاهِدٌ فَحْوَاءَ دَعْوَتِهِ * حِينَ الْعَشِيرَةُ تَبْغِي الْحَقَّ خِذْلَانًا وَهَذَا مِنْ فِطَنِ الْإِلْهَامَاتِ الَّتِي تَخَيَّلَتْهَا الْعُقُولُ فَصَدَقَتْ وَتَصَوَّرَتْهَا النُّفُوسُ فَتَحَقَّقَتْ ، ثُمَّ انْتَقَلَتْ الرِّيَاسَةُ بَعْدَهُ إلَى قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ فَبَنَى بِمَكَّةَ دَارَ النَّدْوَةَ لِيَحْكُمَ فِيهَا بَيْنَ قُرَيْشٍ ثُمَّ صَارَتْ الدَّارُ لِتَشَاوُرِهِمْ وَعَقْدِ الْأَلْوِيَةِ فِي حُرُوبِهِمْ .
قَالَ الْكَلْبِيُّ : فَكَانَتْ أَوَّلَ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَكَّةَ ، ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ فَبَنَوْا مِنْ الدُّورِ مَا اسْتَوْطَنُوهُ ؛ وَكَلَّمَا قَرُبُوا مِنْ عَصْرِ الْإِسْلَامِ ازْدَادُوا قُوَّةً وَكَثْرَةَ عَدَدٍ حَتَّى دَانَتْ لَهُمْ الْعَرَبُ فَصَدَقَتْ الْمَخِيلَةُ الْأُولَى فِي الرِّيَاسَةِ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ رَسُولًا فَصَدَقَتْ الْمَخِيلَةُ الثَّانِيَةُ فِي حُدُوثِ النُّبُوَّةِ فِيهِمْ فَآمَنَ بِهِ مَنْ هُدِيَ وَجَحَدَ مَنْ عَانَدَ ، وَهَاجَرَ عَنْهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اشْتَدَّ بِهِ الْأَذَى حَتَّى عَادَ ظَافِرًا بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ مِنْ هِجْرَتِهِ عَنْهُمْ .

163

نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست