مِنْ قَرَارِيطِ الْمِثْقَالِ فَلَمَّا ضُرِبَتْ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ عَلَى الْوَسَطِ مِنْ هَذِهِ الْأَوْزَانِ الثَّلَاثَةِ قِيلَ فِي عَشَرَتِهَا وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ ، وَإِنَّهَا كَذَلِكَ وَذَكَرَ آخَرُونَ أَنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا رَأَى اخْتِلَافَ الدَّرَاهِمِ وَأَنَّ مِنْهَا الْبَغْلَيَّ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ وَمِنْهَا الطَّبَرِيَّ وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ وَمِنْهَا الْمَغْرِبِيَّ وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَوَانِقَ وَمِنْهَا الْيَمَنِيَّ وَهُوَ دَانَقٌ قَالَ اُنْظُرُوا الْأَغْلَبَ مِمَّا يَتَعَامَلُ بِهِ النَّاسُ مِنْ أَعْلَاهَا وَأَدْنَاهَا فَكَانَ الدِّرْهَمُ الْبَغْلِيُّ وَالدِّرْهَمُ الطَّبَرِيُّ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فَكَانَا اثْنَيْ عَشَرَ دَانَقًا فَأَخَذَ نِصْفَهَا فَكَانَ سِتَّةَ دَوَانِقَ فَجَعَلَ الدِّرْهَمَ الْإِسْلَامِيَّ فِي سِتَّةِ دَوَانِيقَ وَمَتَى زِدْتَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَسْبَاعِهِ كَانَ مِثْقَالًا وَمَتَى نَقَصْتَ مِنْ الْمِثْقَالِ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِهِ كَانَ دِرْهَمًا فَكُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ وَكُلُّ عَشَرَةِ مَثَاقِيلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُبْعَانِ فَأَمَّا النَّقْصُ فَمِنْ خَالِصِ الْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِمَغْشُوشِهِ مَدْخَلٌ فِي حُكْمِهِ ، وَقَدْ كَانَ الْفُرْسُ عِنْدَ فَسَادِ أُمُورِهِمْ فَسَدَتْ نَقُودُهُمْ فَجَاءَ الْإِسْلَامُ وَنَقُودُهُمْ مِنْ الْعَيْنِ وَالْوَرِقِ غَيْرُ خَالِصَةٍ إلَّا أَنَّهَا كَانَتْ تَقُومُ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقَامَ الْخَالِصَةِ وَكَانَ غِشُّهَا عَفْوًا لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ بَيْنَهُمْ إلَى أَنْ ضُرِبَتْ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ فَتَمَيَّزَ الْمَغْشُوشُ مِنْ الْخَالِصِ .وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إنَّ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ الْمَنْقُوشَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَكَانَتْ الدَّنَانِيرُ تَرِدُ رُومِيَّةً وَالدَّرَاهِمُ تَرِدُ كِسْرَوِيَّةً وَحِمْيَرِيَّةً قَلِيلَةً قَالَ أَبُو الزِّنَادِ فَأَمَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الْحَجَّاجَ أَنْ يَضْرِبَ الدَّرَاهِمَ بِالْعِرَاقِ فَضَرَبَهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ بَلْ ضَرَبَهَا الْحَجَّاجُ فِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ ثُمَّ أَمَرَ بِضَرْبِهَا فِي النَّوَاحِي سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ ، وَقِيلَ إنَّ الْحَجَّاجَ خَلَّصَهَا تَخْلِيصًا لَمْ يَسْتَقْصِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهَا * ( اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ) * .وَسُمِّيَتْ مَكْرُوهَةً وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ ، فَقَالَ قَوْمٌ : لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ كَرِهُوهَا لِمَا عَلَيْهَا مِنْ الْقُرْآنِ وَقَدْ يَحْمِلُهَا الْجُنُبُ وَالْمُحْدِثُ وَقَالَ الْآخَرُونَ لِأَنَّ الْأَعَاجِمَ كَرِهُوا نُقْصَانَهَا فَسُمِّيَتْ مَكْرُوهَةً ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَ الْحَجَّاجِ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ فِي أَيَّامِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَضَرَبَهَا أَجْوَدَ مِمَّا كَانَتْ ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ فَشَدَّدَ فِي تَجْوِيدِهَا ، وَضَرَبَ بَعْدَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فَأَفْرَطَ فِي التَّشْدِيدِ فِيهَا وَالتَّجْوِيدِ فَكَانَتْ الْهُبَيْرِيَّةُ وَالْخَالِدِيَّةُ وَالْيُوسُفِيَّةُ أَجْوَدَ نَقْدِ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَكَانَ الْمَنْصُورُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَأْخُذُ فِي الْخَرَاجِ مِنْ نَقْدِهِمْ غَيْرَهَا .وَحَكَى يَحْيَى بْنُ النُّعْمَانِ الْغِفَارِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ أَمْرِ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ سَبْعِينَ عَلَى ضَرْبِ الْأَكَاسِرَةِ وَعَلَيْهَا بَرَكَةٌ فِي