نَسَبًا فَعَسَى أَنْ يُعَظِّمَ فِدَاؤُهَا فَامْتَنَعَ مِنْ رَدِّهَا بِسِتِّ قَلَائِصَ ، فَقَالَ أَبُو صُرَدَ خَلِّهَا عَنْكَ ، فَوَاَللَّهِ مَا فُوهَا بِبَارِدٍ ، وَلَا ثَدْيُهَا بِنَاهِدٍ ، وَلَا بَطْنُهَا بِوَالِدٍ ، وَلَا زَوْجُهَا بِوَاحِدٍ ، وَلَا دَرُّهَا بِمَاغِدٍ ، فَرَدَّهَا بِسِتِّ قَلَائِصَ ، ثُمَّ إنَّ عُيَيْنَةَ لَقِيَ الْأَقْرَعَ فَشَكَا إلَيْهِ فَقَالَ إنَّكَ مَا أَخَذْتَهَا بَيْضَاءَ غَرِيرَةً وَلَا نَصْفَاءَ وَثِيرَةً وَكَانَ فِي السَّبْيِ الشَّيْمَاءُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى أُخْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَعَنَّفَ بِهَا إلَى أَنْ أَتَتْهُ وَهِيَ تَقُولُ : أَنَا أُخْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرَّضَاعَةِ ، فَلَمَّا انْتَهَتْ إلَيْهِ قَالَتْ لَهُ أَنَا أُخْتُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا عَلَامَةُ ذَلِكَ ؟ فَقَالَتْ عَضَّةٌ عَضَضْتَنِيهَا وَأَنَا مُتَوَرِّكَتُكَ فَعَرَفَ الْعَلَامَةَ وَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ وَأَجْلَسَهَا عَلَيْهِ وَخَيَّرَهَا بَيْنَ الْمُقَامِ عِنْدَهُ مُكَرَّمَةً أَوْ الرُّجُوعِ إلَى قَوْمِهَا مُمَتَّعَةً فَاخْتَارَتْ أَنْ يُمَتِّعَهَا وَيَرُدَّهَا إلَى قَوْمِهَا فَفَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ قَبْلَ وُرُودِ الْوَفْدِ وَرَدِّ السَّبْيِ ؛ فَأَعْطَاهَا غُلَامًا لَهُ يُقَالُ لَهُ محكل وَجَارِيَةً فَزَوَّجَتْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَفِيهِمْ مَنْ نَسْلِهِمَا بَقِيَّةٌ .وَفِي هَذَا الْخَبَرِ مَعَ الْأَحْكَامِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْهُ سِيرَةٌ يَجِبُ أَنْ يَتَّبِعَهَا الْوُلَاةُ فَلِذَلِكَ اسْتَوْفَيْنَاهُ وَإِذَا كَانَ فِي السَّبَايَا ذَوَاتُ أَزْوَاجٍ بَطَلَ نِكَاحُهُنَّ بِالسَّبْيِ سَوَاءٌ سُبِيَ أَزْوَاجُهُنَّ مَعَهُنَّ أَمْ لَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إنْ سُبِينَ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ فَهُنَّ عَلَى النِّكَاحِ ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ مِنْهُنَّ ذَاتُ زَوْجٍ قَبْلَ حُصُولِهَا فِي السَّبْيِ فَهِيَ حُرَّةٌ وَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِذَا قَسَمَ السَّبَايَا فِي الْغَانِمِينَ حَرُمَ وَطْؤُهُنَّ حَتَّى يُسْتَبْرَأْنَ بِحَيْضَةٍ إنْ كُنَّ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ إنْ كُنَّ حَوَامِلَ .رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِسَبْيِ هَوَازِنَ فَقَالَ : * ( أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ } وَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَحْرَزُوهُ لَمْ يَمْلِكُوهُ وَكَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ أَرْبَابِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَإِنْ غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ رُدَّ عَلَى مَالِكِهِ مِنْهُمْ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : قَدْ مَلَكَهُ الْمُشْرِكُونَ إذَا غَلَبُوا عَلَيْهِ ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَدَخَلَ سَيِّدُهَا الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا ، وَلَوْ كَانَتْ أَرْضًا أَسْلَمَ عَنْهَا الْمُتَغَلِّبُ عَلَيْهَا ؛ كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَإِذَا غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ كَانُوا أَحَقَّ بِهِ مِنْ مَالِكِهِ وَقَالَ مَالِكٌ إنْ أَدْرَكَهُ مَالِكُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ ، وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَهَا كَانَ مَالِكُهُ أَحَقَّ بِثَمَنِهِ وَغَانِمُهُ أَحَقَّ بِعَيْنِهِ ، وَيَجُوزُ شِرَاءُ أَوْلَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْهُمْ كَمَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ ، وَيَجُوزُ شِرَاءُ أَوْلَادِ أَهْلِ الْعَهْدِ مِنْهُمْ وَلَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ