يَا عُمَرَ الْخَيْرِ جُزِيتَ الْجَنَّهْ * اُكْسُ بُنَيَّاتِي وَأُمَّهُنَّهْ وَكُنْ لَنَا مِنْ الزَّمَانِ جُنَّهْ * أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّهْ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إنْ لَمْ أَفْعَلْ يَكُونُ مَاذَا ؟ فَقَالَ : .إذًا أَبَا حَفْصٍ لَأَذْهَبَنَّهْ .فَقَالَ : وَإِذَا ذَهَبْتَ يَكُونُ مَاذَا ؟ فَقَالَ :يَكُونُ عَنْ حَالِي لَتُسْأَلَنَّهْ * يَوْمَ تَكُونُ الْأَعْطِيَاتُ هَنَّهْ وَمَوْقِفُ الْمَسْؤُولِ بَيْنَهُنَّهْ * إمَّا إلَى نَارٍ وَإِمَّا جَنَّهْ قَالَ فَبَكَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى خَضَبَتْ لِحْيَتُهُ وَقَالَ يَا غُلَامُ أَعْطِهِ قَمِيصِي هَذَا لِذَلِكَ الْيَوْمِ لَا لِشِعْرِهِ ، أَنَا وَاَللَّهِ لَا أَمْلِكُ غَيْرَهُ .فَجَعَلَ مَا وَصَلَ بِهِ مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ ؛ لِأَنَّ صِلَتَهُ لَا تَعُودُ بِنَفْعٍ عَلَى غَيْرِهِ فَخَرَجَتْ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَمِثْلُ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ ، غَيْرَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا إمَّا لِأَجْلِ شِعْرِهِ الَّذِي اسْتَزَلَّهُ فِيهِ ، وَإِمَّا لِأَنَّ الصَّدَقَةَ مَصْرُوفَةٌ فِي جِيرَانِهَا وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ وَكَانَ مِمَّا نَقَمَهُ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ جَعَلَ كُلَّ الصِّلَاتِ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ وَلَمْ يَرَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ ذُكُورَ أَوْلَادِهِ مَالَ الْفَيْءِ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِهِ ، فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا كَانُوا فِي إعْطَاءِ الذَّرَارِيِّ مِنْ ذَوِي السَّابِقَةِ وَالتَّقَدُّمِ ، وَإِنْ كَانُوا كِبَارًا فَفِي إعْطَاءِ الْمُقَاتِلَةِ مِنْ أَمْثَالِهِمْ .حَكَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمَّا بَلَغَ أَتَى أَبَاهُ عُمَرُ بْن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَأَلَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ فَفَرَضَ لَهُ فَيْءَ أَلْفَيْنِ ، ثُمَّ جَاءَ غُلَامٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ قَدْ بَلَغَ فَسَأَلَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ فَفَرَضَ لَهُ فَيْءَ ثَلَاثَةِ آلَافٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَرَضْتَ لِي فَيْءَ أَلْفَيْنِ وَفَرَضْتَ لِهَذَا فَيْءَ ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَلَمْ يَشْهَدْ أَبُو هَذَا مَا قَدْ شَهِدْتُ قَالَ أَجَلْ لَكِنِّي رَأَيْتُ أَبَا أُمِّكَ يُقَاتِلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتُ أَبَا أُمِّ هَذَا يُقَاتِلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْأُمِّ أَكْثَرُ مِنْ الْأَلْفِ .وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ أَوْلَادَهُ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ ذُرِّيَّتِهِ الدَّاخِلِينَ فِي عَطَائِهِ وَأَمَّا عَبِيدُهُ وَعَبِيدُ غَيْرِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُقَاتِلَةً فَنَفَقَاتُهُمْ فِي مَالِهِ وَمَالِ سَادَاتِهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا مُقَاتِلَةً فَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَفْرِضُ لَهُمْ فِي الْعَطَاءِ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهُمْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَأْخُذُ فِيهِمْ بِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَلَا يَفْرِضُ