وَلَهُ إذَا قُلِّدَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ : أَحَدُهَا أَنْ يُقَلَّدَ أَخْذَهَا وَقَسْمَهَا ، فَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ عَلَى مَا سَنَشْرَحُ .وَالثَّانِي : أَنْ يُقَلَّدَ أَخْذَهَا وَيُنْهَى عَنْ قِسْمَتِهَا فَنَظَرُهُ مَقْصُورٌ عَنْ الْأَخْذِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْقَسْمِ وَالْمُقَلَّدُ بِهِمَا بِتَأْخِيرِ قَسْمِهَا مَأْثُومٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ تَقْلِيدَهَا لِمَنْ يَنْفَرِدُ بِتَعْجِيلِ قَسْمِهَا .وَالثَّالِثُ : أَنْ يُطْلَقَ تَقْلِيدُهُ عَلَيْهَا ، فَلَا يُؤْمَرُ بِقَسْمِهَا وَلَا يُنْهَى عَنْهُ فَيَكُونُ بِإِطْلَاقِهِ مَحْمُولًا عَلَى عُمُومِهِ فِي الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَخْذِهَا وَقَسْمِهَا ، فَصَارَتْ الصَّدَقَاتُ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْأَخْذِ وَالْقَسْمِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمٌ وَسَنَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الِاخْتِصَارِ وَنَبْدَأُ بِأَحْكَامِ أَخْذِهَا فَنَقُولُ : إنَّ الْأَمْوَالَ الْمُزَكَّاةَ أَرْبَعَةٌ : أَحَدُهَا الْمَوَاشِي وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَسُمِّيَتْ مَاشِيَةً لِرَعْيِهَا وَهِيَ مَاشِيَةٌ .فَأَمَّا الْإِبِلُ فَأَوَّلُ نِصَابِهَا خَمْسٌ ، وَفِيهَا إلَى تِسْعٍ شَاةٌ جَذَعَةٌ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ ثَنِيَّةٌ مِنْ الْمَعْزِ ، وَالْجَذَعُ مِنْ الْغَنَمِ مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، وَالثَّنِيُّ مِنْهَا مَا اسْتَكْمَلَ سَنَةً ، فَإِذَا بَلَغَتْ الْإِبِلُ عَشْرًا فَفِيهَا إلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ شَاتَانِ ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ إلَى تِسْعَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَفِي الْعِشْرِينَ إلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ عَدَلَ فِي فَرْضِهَا عَنْ الْغَنَمِ وَكَانَ فِيهَا إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَهِيَ الَّتِي اسْتَكْمَلَتْ السَّنَةَ ، فَإِنْ عُدِمَتْ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٍ ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ وَهِيَ مَا اسْتَكْمَلَتْ سَنَتَيْنِ ؛ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا إلَى سِتِّينَ حِقَّةٌ وَهِيَ مَا اسْتَكْمَلَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَاسْتَحَقَّتْ الرُّكُوبَ وَطُرُوقَ الْفَحْلِ ، فَإِذَا بَلَغَتْ إحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ جَذَعَةٌ وَهِيَ مَا اسْتَكْمَلَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا إلَى تِسْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ ، فَإِذَا بَلَغَتْ إحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ حِقَّتَانِ ، وَهَذَا مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ ذَلِكَ ؛ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُسْتَأْنَفُ بِهَا الْفَرْضُ الْمُبْتَدَأُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا اعْتِبَارَ بِالزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ فَيَكُونَ بِهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : إذَا زَادَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَاحِدَةً كَانَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ ، فَيَكُونُ فِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ ، وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ ، وَفِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ ، وَفِي مِائَةٍ وَسَبْعِينَ حِقَّةٌ وَثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ ، وَفِي مِائَةٍ وَثَمَانِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتَا لَبُونٍ : وَفِي مِائَةٍ وَتِسْعِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَحَدُ فَرْضَيْنِ إمَّا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ