وأما أسلوب الكناية فإنه يثير المعنى بنحو لا يمس باعتقاد المخاطب ومشاعره واحساسه ، لان مظهره مظهر المسالمة والاعتراف بتلك الفكرة حيث إنه ينفي تحقق الموضوع مثلا ليترتب عليه انتفاء الحكم انتفاء طبيعيا ، وبذلك يخيل المتكلم لمخاطبة بأنه لا يعارض اعتقاده بثبوت الحكم للموضوع ، بنحو عام بل يقره عليه ويعترف له به حتى كأنه لو كان الموضوع متحققا في المورد لثبت الحكم . وبذلك يكون المعنى أوقع في نفس المخاطب وأقرب إلى قبوله واذعانه . وبهذا يظهر اختلاف هذين الأسلوبين في نوع التأثير الاحساسي . الأمر الثاني : اختلاف المواضيع التشريعية التي يتعرض لها الدليل الحاكم أو المخصص في ارتكاز فكرة مخالفة لمؤداه في ذهن المخاطب وعدمه . فقد يكون المخاطب بالدليل خالي الذهن عن أية فكرة عامة مقابلة ، أو يكون له فكرة مقابلة إلا إنها غير مرتكزة في ذهنه ، فتزول بمجرد اطلاعه على الدليل - حتى وإن كان له مستند في تلك الفكرة من عموم أو اطلاق - . ففي هذه الحالة لا مصحح بلاغي للتعبير بلسان الحكومة حتى وإن كان هناك عموم أو اطلاق على خلاف مؤدى الدليل - بل المناسب أن يعبر المتكلم بلسان صريح بعدم وجوب إكرام العالم الفاسق مثلا لو كان الدليل الأول هو ( أكرم العلماء ) ، ولا موجب لان ينفي عنه العلم لينتج عدم وجوب إكرامه . وقد يكون المخاطب بالدليل ذا ارتكاز ذهني في الموضوع على خلاف مؤدى الدليل - والمراد بالارتكاز الفكرة الثابتة في الذهن الراسخة في عمقه بحيث يصعب رفع اليد عنه احساسا ، وإن اطلع على دليل على