الحديث في تفسيره بنفي الحكم الضرري يكون قرينة على بطلان هذا الاحتمال ، فيتعين احتمال النهي ، وبعبارة أخرى لازم تفسير الحديث بنفي الحكم الضرري كثرة التخصيص بخلاف تفسيره بالنهي المولوي عن الاضرار ، فهذه قرينة عقلية على بطلان - تفسيره بنفي الحكم الضرري . لكن هذا الوجه أيضا غير تام لما سيأتي في التنبيه الثاني من تنبيهات القاعدة من عدم ثبوت استلزام إرادة نفي الحكم الضرري لتخصيص الحديث كذلك . هذه هي الوجوه التي أفادها العلامة شيخ الشريعة ( قده ) في ترجيح هذا المسلك ، وقد ظهر عدم نهوض شئ منها على ذلك . وعلى هذا : فهذا المبنى - بعد تمامية تصويره - ليس له معين في حد نفسه في مقابل سائر الوجوه والمعاني التي يصح إرادتها من الحديث . البحث الثالث : في مناقشة هذا المسلك . ويظهر ذلك مما سبق في تحقيق معنى الحديث على المختار . ففيما يتعلق ب ( لا ضرر ) قد أوضحنا إن معنى الضرر بما إنه معنى اسم مصدري لا يتضمن النسبة الصدورية - فلا تناسب بينه وبين احتمال النهي لأنه ماهية مرغوب عنها لا تتحمل إلا بتصور التسبيب الشرعي فيكون نفيه نفيا لذلك بالطبع ، وإنما المناسب مع النهي هو الاضرار والضرار ، مع تأيد ذلك بفهم أكثر الفقهاء وأنسبيته مع بعض موارد الحديث كقضية سمرة على ما مر سابقا وأما فيما يرتبط ب ( لا ضرار ) فإن إفادته للنهي صحيحة ، لكن لا يقتصر مفادها على ذلك لان مؤداه التسبيب إلى عدم الاضرار بالغير ، وهذا المعنى كما يقتضي النهي عنه فإنه يقتضي تشريع اتخاذ الوسائل الاجرائية لمكافحته على ما سبق أيضا .