وهذا الامر لا يختص بهذا الباب بل هو أمر سار في أكثر الهيئات إن لم نقل جميعها ، فكثيرا ما نرى أن هناك معنى أو معان تظهر في بعض المواد مع أنها لا تنشأ عن المادة ولا عن الهيئة وإنما مصدرها المبدأ الخفي للكلمة . وقد سبق أن أوضحنا هذه الفكرة وبعض الأمثلة لها في إبطال المسلك الأول ، وبينا إنه كيف يتدخل المبدأ الخفي في إيجاد معان غريبة عن المادة في وصفي الفاعل والمفعول ، من الاقتضاء والحرفة والمضي وغير ذلك رغم وحدة مفاد الهيئة فيهما بحسب الوجدان اللغوي . ففي باب المفاعلة أيضا يستند قسم من الدلالات المتفرقة إلى المبدأ الخفي كالسعي إلى الفعل والغلبة والفخر ونحو ذلك ، مما يظهر بالتتبع . وقد أوجبت الغفلة عن هذا المبدأ - بعض الاقتراحات في مفاد الهيئة كالمسلك الأول . ( نعم ) : بعض آخر من الدلالات يستند إلى الهيئة وهذا هو المقصود تحليله في هذا البحث . وبعد اتضاح هذه المقدمة نقول : إن الظاهر بملاحظة الموارد المختلفة للهيئة إن هذه الهيئة تدل على نسبة مستتبعة لنسبة أخرى بالفعل أو بالقوة ، وذلك مما يختلف بحسب اختلاف الموارد ( فتارة ) تكون النسبة الأخرى - كالأول - صادرة من نفس هذا الفاعل بالنسبة إلى نفس الشئ . و ( أخرى ) تكون إحداهما صادرة من الفاعل والأخرى من المفعول - كما في ( ضارب ) فيعبر عن المعنى حينئذ بالمشاركة . وفي الحالة الأولى : قد يكون تعدد المعنى من قبيل الكم المنفصل فيعبر عنه بالمبالغة - كما ذكر في كلام المحقق الرضي ( قده ) [1] أو يعبر عنه