فيمن كانت حرفته ومهنته التجارة وإن لم يشتغل بها فعلا - وهو استعمال غير مقرون بالعناية ليعد استعمالا مجازيا - ، فهنا يمكن تشخيص عدم نشوء المعنى المذكور عن الهيئة إما بلحاظ أن مفاد صيغة ( فاعل ) حسب ما يقضي به الحس اللغوي ، إنما هو وقوع المعنى من الذات من غير أن يتضمن دلالة على الحرفة والمهنة أصلا ، وبذلك تكون الدلالة عليها أجنبية عن مفاد الهيئة ، أو بلحاظ أن أمثلة هذه الصيغة في سائر الموارد لا تدل على المعنى المذكور ، فمع استظهار وحدة المعنى المستفاد من الهيئة في جميعها - كما يساعده الحس اللغوي - يتعين أن تكون الخصوصية المذكورة ملحوظة في المادة لتكون من قبيل المبدأ الخفي . إذا اتضح ما ذكرناه فنقول : إن معنى السعي إلى الفعل في بعض أمثلة باب المفاعلة إنما يستند إلى المبدأ الخفي لا إلى هيئة هذا الباب نظير معنى الغلبة في ( شاعر ) والمفاخرة في ( كارم ) ، والدليل على ذلك مضافا إلى أن الأنسب بمعنى هذا الباب بحسب الحس اللغوي هو نوع معنى يكون من قبيل الامتداد ( كسافر ) أو التكرر ( كضاعف ) أو المشاركة ( كضارب ) لا من قبيل السعي ، أن هذا المعنى لو كان مفاد هيئة باب المفاعلة لوجب الالتزام بتعدد معناها بحسب اختلاف الموارد ، وهذا على خلاف تقدير هذا المسلك وسائر المسالك الآتية في هذا الاتجاه ، لما سبق من أن معنى السعي لا يتمثل في جميع موارد هذا الباب بل في القليل منها جدا . وعلى ضوء هذا يتضح أن السعي نحو الفعل لا يصلح أن يكون هو المعنى الموحد العام للهيئة ، ولا يمكن طرحه بديلا عن معنى المشاركة ، كما يتضح عدم صحة النقض على استفادة المشاركة من هذه الهيئة ، بجملة من الأمثلة المتقدمة ك ( ضارب ) و ( قاتل ) ، لان بناء النقض بها على تصور أن المبدأ فيها هو القتل والضرب فيقال إنه لا مشاركة فيها ، وأما إذا لوحظ