الثاني : تحديد الضرر المنفي ب ( لا ضرر ) بملاحظة طبيعة معناه التركيبي - على المختار - وبملاحظة اقترانه ب ( لا ضرار ) بنحو لا يقتضي نفي الضرر أصلا في جملة من الموارد المذكورة . أما الجزء الأول : فيظهر بملاحظة أمرين : الأمر الأول : في التدقيق في مفهوم الضرر . إن الضرر في الشئ كالمال - مثلا - ليس مطلق عروض النقص عليه بل كونه أنقص عما ينبغي أن يكون عليه من الكمية أو المالية ، كما لو عرضت على المال آفة توجب نقص ماليته ، أو نقصت كميته بضياع أو سرقة أو غصب أو بصرت المالك له فيما لا يعد مؤونة له ولا يعود منه فائدة عليه ، فأما لو صرف فيما يرجع إلى مؤونة الشخص وشؤونه أو ينتفع منه بنحو مناسب معه فإنه لا يكون ذلك ضررا عليه ، ولذا لا يعتبر صرف المال في مؤونته ومؤونة عياله فيما يحتاجون إليه - من المأكل والمشرب والملبس والعلاج والوقاية والتنظيف وسائر حاجاتهم - اضرارا بالمال لا لغة ولا عرفا ، وكذلك صرف المال في أداء الحقوق العرفية للغير وسائر الرغبات العقلائية كالسفر إلى مكان آخر لغرض ثقافي أو اجتماعي ، وهكذا لو اشترك الشخص في مشروع عام أو جهة عامة يعم الانتفاع بها . وبالجملة : فصرف الشخص المال في الشؤون المتعلقة بتعيش نفسه وعياله بحسب مستواه من العرف والعادة لا يعد ضررا ، لان شأن المال أن يصرف في مثل هذه الأمور بل عدم صرفه في مثل الانفاق على العيال يعد اضرارا بهم وظلما عليهم . وإذا لم يكن صرف المال في ذلك اضرارا فلا ينقلب ضررا بالالزام الشرعي ليكون الحكم الشرعي ضرريا . وعلى ضوء هذا البيان : يظهر عدم صدق الضرر في جملة من الموارد