وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - :قَاعِدَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ وَالْفُرْقَةِ وَسَبَبُ ذَلِكَ وَنَتِيجَتُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } .أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ شَرَعَ لَنَا مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً ، وَاَلَّذِي أَوْحَاهُ إلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا وَصَّى بِهِ الثَّلَاثَةَ الْمَذْكُورِينَ .وَهَؤُلَاءِ هُمْ أُولُو الْعَزْمِ الْمَأْخُوذُ عَلَيْهِمْ الْمِيثَاقُ فِي قَوْلِهِ : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ } .وَقَوْلِهِ : { مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ } فَجَاءَ فِي حَقِّ مُحَمَّدٍ بَاسِمِ الَّذِي وَبِلَفْظِ الْإِيحَاءِ ، وَفِي سَائِرِ الرُّسُلِ بِلَفْظِ " الْوَصِيَّةِ " .ثُمَّ قَالَ : { أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ } وَهَذَا تَفْسِيرُ الْوَصِيَّةِ ، و ( أَنْ ) : الْمُفَسِّرَةُ الَّتِي تَأْتِي بَعْدَ فِعْلٍ مِنْ مَعْنَى الْقَوْلِ لَا مِنْ لَفْظِهِ .كَمَا فِي قَوْلِهِ : { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ } .{ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } وَالْمَعْنَى قُلْنَا لَهُمْ : اتَّقُوا اللَّهَ .فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : { أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ } فِي مَعْنَى قَالَ : لَكُمْ مِن الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ رُسُلاً قُلْنَا أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ، فَالْمَشْرُوعُ لَنَا هُوَ الْمُوصَى بِهِ ، وَالْمُوحَى ، وَهُوَ : { أَقِيمُوا الدِّينَ } فَأَقِيمُوا الدِّينَ مُفَسِّرٌ