فلا يتقبل منه لأنه مقرون بالحصر وأن العلماء المتوارثين نسلا بعد نسل هم أئمة المساجد ، ولو كانوا أجهل أو أفحش ، وأسوأ أعمالا ( كما في زماننا ) ، وإن الذين اتخذوا الإمامة حرفة وأجرة فقد ضلوا وأضلوا . والحال أن كتبهم مشحونة بأن ( الاستيجار ) على الإمامة ، وتعليم القرآن حرام . والذي نفسي بيده إني فررت من مذهب ( الحنفية ) ورجعت إلى ( الحنيفية ) ، وآثرت مذهب ( الإمامية ) من صنيعتهم هذه لأن ( معاصري ) كان إمام مسجد البلدة ، ومعلم صبيان القرية ، فقد شهد شهادة الزور مرة بعد مرة لا سيما في معاملة النكاح ، وحلف بالكتاب الكريم على الإعلان فتركت اقتداءه في الصلاة ثم اتهمت بالتشيع ، فرأيت كتب القوم كرات ، وقلت لهم هذا ما في كتبهم فلم يقبلوا للمعاندة ، فطالعت كتب ( الإمامية ) فوجدت فيها ما كان حقا ، والحق أحق أن يتبع ، واستمسكت بالثقلين ما استطعت فاتخذني القوم عدوا كما هي عادتهم ، وتوكلت على الله ، وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا . وأما ( الإمامية ) فقد اتفق كلهم أجمعون على أن إمامة الفاسق لا تجوز كما قال في ( شرائع الإسلام ) : يعتبر في الإمام الإيمان والعدالة والعقل وطهارة المولد والبلوغ على الأظهر [1] . وفي شرحه ( مدارك الأحكام ) : اعتبار هذه الأمور الأربعة في إمام الجماعة مقطوع به في كلام الأصحاب مدعي عليه الإجماع . نعم ذهب ابن الجنيد إلى أن كل المسلمين على العدالة إلى أن يظهر منه ما يزيلها ، وذهب آخرون إلى جواز التعويل على حسن الظاهر لعسر الاطلاع على البواطن ، ( وقد تقدم الكلام في ذلك مفصلا في صلاة الجمعة فلا نعيده ) [2] . وقد قال في ( باب الجمعة ) : الرابع - ( العدالة ) وقد نقل جمع من الأصحاب الإجماع على أنها شرط في الإمام ، وإن اكتفى بعضهم في تحققها بحسن الظاهر ، أو عدم معلومية الفسق [3] . وفي ( من لا يحضره الفقيه ) قال رسول الله ( ص ) : إمام القوم ، وافدهم فقدموا أفضلكم ، وقال ( عليه السلام ) : إن سركم أن تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم ، وقال أبو ذر : إن إمامك شفيعك سفيها ولا فاسقا [4] . وفيه : لا تصل خلف من يشهد عليك بالكفر ، ولا خلف من شهدت عليه بالكفر ، ( قاله أبو عبد الله - ع - ) [5] . وعن الرضا ( ع ) أنه سئل عن الرجل يقارف الذنب أيصلى خلفه أم لا ، قال : لا . وقال إسماعيل الجعفي لأبي جعفر ( ع ) : رجل يحب أمير المؤمنين ، ولا يتبرأ من عدوه ، ويقول هو أحب إلي ممن خالفه ، قال : هذا مخلط عدو فلا تصل وراءه . وقال الصادق ( ع ) : ثلاثة لا تصل خلفهم ، المجهول ، والغالي وإن كان يقول بقولك ، والمجاهر بالفسق وإن كان مقتصدا .
[1] شرائع الإسلام ، ص 51 . [2] مدارك الأحكام ، ص 232 . [3] أيضا ، ص 192 . [4] من لا يحضره الفقيه ، ج 1 ، ص 125 . [5] المصدر السابق ، ص 126 .