في عدم جواز نسخ القرآن بالسنة والإجماع في التفسير الكبير : ثبت أن قراءة " وأرجلكم " بنصب اللام توجب المسح أيضا ، فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية على وجوب المسح ، ثم قالوا : ولا يجوز دفع ذلك بالأخبار لأنها بأسرها من باب الآحاد ، ونسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز [1] . وفي الخازن قال الشافعي : الكتاب لا ينسخ بالسنة المتواترة ، واستدل بهذه الآية ، وهو أنه تعالى قال : " ما ننسخ من آية " ، وذلك يفيد أنه تعالى هو الآتي ، والمأتى به هو من جنس القرآن فهو قرآن . وقوله " نأت بخير منها " يفيد أنه المنفرد بالإتيان بذلك الخير وهو القرآن الذي هو كلام الله دون السنة ، ولأن السنة لا تكون خيرا من القرآن ولا مثله [2] . والإجماع ليس بحجة لا سيما إذا خالف النص وقد ذكرناه في المجلد الأول مستوعبا . وفي التفسير المظهري للقاضي ثناء الله الحنفي ( سورة الأنفال ) : كيف يجوز نسخ الآية بالإجماع ، والإجماع لا يكون ناسخا ، ولا منسوخا ؟ ! وفي تفسير الإكليل للسيوطي : واستدل بقوله تعالى ( نأت بخير منها ) أو مثلها من قال أنه لا يجوز نسخ القرآن بالسنة . أقول : قد ثبت مما حررنا أن القرآن لا ينسخ إلا بالقرآن ، وهو الأرجح ، وما قال أهل الجماعة إن مسح الخفين ثابت بالحديث وبالإجماع فهو زيادة على القرآن ، وهو بمنزلة النسخ فهو أوهن من نسج العنكبوت . ومن العجب أنهم جوزوا المسح على جلد أجنبي ( أي الخفين ) ، ولم يجوزوه على جلد رجليه ، وما هذا إلا تعصب شديد [3] . وفي نيل الأوطار : أي المسح على الخفين إجماع ظني ، وقد صرح جماعة من الأئمة منهم الإمام يحيى بن حمزة أنه تجوز مخالفته ، ( ثم رد حجية الإجماع ) فقال : إن ابن عمر أنكر المسح على الخفين مع قديم صحبته ، وكثرة روايته [4] ( وهكذا قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ) [5] . وفي ( الصحيفة الرضوية من كتب الإمامية ) بإسناد ابن بابويه في كتاب ( عيون أخبار الرضا ) بروايات كثيرة عن علي بن موسى الرضا ( عليهم التحية والثناء ) ، وذلك أن عليا خالف القوم في المسح على الخفين ، فقال عمر رأيت النبي ( ص ) يمسح على الخفين ، فقال علي ( ع ) قبل نزول سورة المائدة أو بعدها ، فقال عمر : لا أدري ، فقال علي ( ع ) : لكني أنا أدري أن رسول الله ( ص ) لم يمسح على الخفين حين نزلت سورة المائدة . وفي الإتقان للسيوطي عن أبي الطفيل قال : شهدت عليا يخطب وهو يقول ، " سلوني " [6] . وقد مر ذكر علم علي ( ع ) بالقرآن ، وفهم معانيه في بيان علم علي ( ع ) في المجلد الأول ( فلا نعيده ) .