الشيعة الأولى ، ويتشيع تشيعا حسنا ، يقول بتفضيل أهل البيت [1] . ومنهم : الإمام النسائي لما ألف الخصائص في مناقب المرتضى ، وقرأه على أهل دمشق على المنبر فشيعوه وضربوه ضربا شديدا على خصيتيه ، فأمر غلمانه بالارتحال إلى مكة فمات ثم دفن بين الصفا والمروة [2] . وفي تاريخ ابن خلكان ، قال : وكان يتشيع [3] . وقد عد صاحب " مجمع البحرين في أدلة الفريقين " نحو خمسين رجلا ممن رمي بالتشيع ، وروي عنهم في الصحاح الستة ، وهذا قليل من كثير ، و ( الغرفة تنبئ عن البحر ) . فقد ظهر مما ذكرنا أن اسم الشيعة قد أطلق في القرون الأولى على من أحب عترة النبي وعلى متبعيهم ولو كره الكارهون ، وأتهم المتعصبون ، وتنفر عن الثقلين المتنفرون ، كما بينا من صحيح مسلم عن رواية جابر بن يزيد الجعفي ، أنه وإن كان يعلم الأحاديث الصحيحة المسماة بسلسلة الذهب عن جعفر الصادق ( ع ) عن رسول الله ( ص ) والتي تبلغ نحو سبعين ألف حديثا ، لكنه لم يرو عنه مسلم ، ولا أستاذه بسبب أنه يعتقد ببعض آرائه تبعا لأهل البيت ( ع ) ، كذلك كانوا لا يأخذون الرواية عمن انتسب إليهم . والحق أن المراد من أهل الجماعة والسواد الأعظم هم الذين اتبعوا الثقلين وإن قلوا ، ونستدل على ما قلنا بما روي في كنز العمال ، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه ، قال : كان علي ( ع ) يخطب فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني من أهل الجماعة ؟ ومن أهل الفرقة ؟ ومن أهل السنة ؟ ومن أهل البدعة ؟ فقال : ويحك أما إذا سألتني فافهم عني ، ولا عليك أن لا تسأل عنها أحدا بعدي : فأما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلوا ، وذلك الحق عن أمر الله وعن أمر رسوله . وأما أهل الفرقة فالمخالفون لي ، ولمن اتبعني وإن كثروا . وأما أهل السنة فهم المتمسكون بما سنه الله لهم ورسوله وإن قلوا . وأما أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله ولكتابه ولرسوله ، العاملون برأيهم وأهوائهم وإن كثروا ، وقد مضى منهم الفوج الأول وبقيت أفواج ، وعلى الله قصمها واستئصالها عن جدبة الأرض . ( الحديث رواه وكيع ) [4] . وفي كنز العمال : في رواية سليم بن قيس العامري ، قال العامري : قال علي : السنة والله سنة محمد وآله ، والبدعة ما فارقها ، والجماعة والله مجامعة أهل الحق وإن قلوا ، أو الفرقة مجامعة أهل الباطل وإن كثروا ، ( رواه العسكري ) [5] . وفي الصواعق المحرقة : لما ذهبت عنهم الخلافة الظاهرة لكونها صارت ملكا ولذا لم تتم للحسن عوضوا عنها بالخلافة الباطنة ، حتى ذهب قوم إلى أن قطب الأولياء في كل زمن لا يكون إلا
[1] حياة الحيوان ، ج 1 ، ص 121 ، 164 . [2] بستان العلماء ، ص 111 . [3] تاريخ ابن خلكان ، ج 1 ، ص 21 . [4] كنز العمال ، ج 8 ، ص 215 . [5] كنز العمال ، ج 1 ، ص 92 .