يريد أنها تذم فإن الكذب ، وإن كان قبيحا مخلا لكنه قد يحسن في مواضع وهذا منها . وفيه : تحت حديث صلح الحديبية ، ورد أبي جندل بن سهيل ، قال الخطابي : تأول العلماء ما وقع في قصة أبي جندل على وجهين ، أحدهما : إن الله قد أباح التقية للمسلم إذا خاف الهلاك ، ورخص له أن يتكلم بالكفر مع إضمار الإيمان إن لم يمكنه ( التورية ) فلم يكن رده إليهم إسلاما لأبي جندل إلى الهلاك مع وجود السبيل إلى الخلاص من الموت بالتقية [1] . ويؤيد ما قلنا قوله تعالى : " إلا أن تتقوا منهم تقاة " . في ( المدارك ) : إلا أن تخافوا من جهتهم أمرا يجب اتقاؤه ( أي إلا أن يكون للكافر عليك سلطان فتخافه على نفسك ، ومالك فيجوز ذلك إظهار الموالاة ، وإبطان المعاداة . وفي ( الترجمان ) : قال كذا روي عن أبي الدرداء ( رواه البخاري ) . وفي تفسير ابن جرير عن ابن عباس ، والحسن ، والسدي ، وعكرمة كذلك [2] . وفي الدر : أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله : " إلا أن تتقوا منهم تقاة " ، فالتقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به مخافة الناس ، وقلبه مطمئن بالإيمان ، فإن ذلك لا يضره ، إنما التقية باللسان [3] . وأخرج عبد ابن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في سننه من طريق عطاء عن ابن عباس كذلك ، وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : " التقية جائزة إلى يوم القيامة " . وفي النيشابوري : ( على هامش ابن جرير ) : وللتقية عند العلماء أحكام . منها : إذا كان الرجل في كفار يخاف منهم على نفسه جاز له أن يظهر لمحبة ، والموالاة ، ولكن بشرط أن يضمر خلافه ما أمكن . وقد يجوز أن تكون ( التقية ) أيضا فيما يتعلق بأظهار الدين . ومنها : إن الشافعي جوز التقية بين المسلمين ( كما جوزها بين الكافرين ) محاماة على النفس . ومنها : أنها جائزة لصون المال على الأصح كما أنها جائزة لصون النفس لقوله : " حرمة مال المسلم كحرمة دمه ومن قتل دون ماله فهو شهيد " ، وروى عوف عن الحسن أنه قال : " التقية جائزة إلى يوم القيامة " ، وهذا أرجح عند الأئمة [4] . وذكر في التفسير الكبير هكذا [5] ، وقال وهذا القول أولى لأن دفع الضرر عن النفس واجب بقدر الإمكان [6] . وفي تفسير فتح البيان : ويدل على جواز ( التقية ) قوله تعالى : " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان " [7] . وفي التفسير الخازن قال العلماء : يجب أن يكون الإكراه الذي يجوز له أن يتلفظ معه بكلمة