وفيه قال ابن جرير : هذا خبر عندنا صحيح سنده ، وصححه الحاكم ، والخطيب . وقال الحافظ ابن حجر في ( لسانه ) : هذا الحديث له طرق كثيرة ( إلى أن قال ) ، وقال في فتوى هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك وقال : إنه صحيح [1] . وخالفه ابن الجوزي فذكره في الموضوعات ، وقال أنه كذب . والصواب خلاف قولهما معا ، إن الحديث من قسم ( الحسن ) ، وهذا هو المعتمد في ذلك . وقال السيوطي وقد كنت أجيب بهذا الجواب دهرا إلى أن وقفت على تصحيح ابن جرير لحديث علي ( ع ) في تهذيب الآثار مع تصحيح الحاكم لحديث ابن عباس فاستخرت الله وجزمت بارتقاء الحديث من مرتبة الحسن إلى مرتبة الصحة والله أعلم ، ( إنتهى ملخصا ) . وفي ( العبقات ) عن توضيح الدلائل للقسطلاني : إعلم أن ( الباب ) سبب لزوال الحائل ، والمانع من الدخول إلى البيت ، فمن أراد الدخول وأتى البيوت من غير أبوابها شق وعسر عليه دخول البيت . فهكذا من طلب العلم ، ولم يطلب ذلك من علي ، وبيانه فإنه لا يدرك المقصود ، فإنه رضي الله عنه كان صاحب علم وعقل وبيان ، وربما كان عالما ولا يقدر على البيان والإفصاح ، وكان علي ( ع ) مشهور من بين الصحابة بذلك . ثم قال : وكان بإجماع الصحابة مرجوعا إليه في علمه موثوقا بفتواه وحكمه ، والصحابة كلهم يراجعونه مهما أشكل عليهم ، ولا يسبقونه . ومن هذا المعنى قال عمر : " لولا علي لهلك عمر " . وفي الصواعق المحرقة أخرج البزاز ، والطبراني في ( الأوسط ) عن جابر بن عبد الله ، والطبراني ، والحاكم ، والعقيلي في ( الضعفاء ) ، وابن عدي عن ابن عمر ، والترمذي ، والحاكم عن علي ( ع ) مرفوعا : " أنا مدينة العلم ، وعلي بابها " [2] . وفي رواية : من أراد العلم فليأت الباب ، وفي أخرى عند الترمذي عن علي ( ع ) : " أنا دار الحكمة وعلي بابها " ، وفي أخرى عند ابن عدي : " علي باب علمي " ، وقال في آخره وصوب بعض محققي المتأخرين المطلعين على الحديث " أنه حديث حسن " . وفي تأريخ الخلفاء أخرج الترمذي ، والحاكم عن علي مرفوعا : " أنا مدينة العلم وعلي بابها " . هذا حديث حسن على الصواب [3] . أقول : لعل السيوطي رتب جمع الجوامع بعد تأريخ الخلفاء لأنه بعد مزيد تحقيقه لهذا الحديث أفتى بصحة هذا في ( الجمع ) ، وحسنة في ( التأريخ ) كما مر . أقول : قد روى ابن حجر في الصواعق ، والسيوطي في تأريخ الخلفاء حديث : " أنا مدينة العلم وعلي بابها ، وقالا رواه الترمذي . ونسخة الترمذي التي في أيدينا لم يوجد فيها بهذا اللفظ بل وجد فيها : " أنا دار الحكمة وعلي بابها " ، وناهيك بهما أنهما حافظان ثقتان في الحديث ، وكفى بهما قدوة وإماما ، فعلم أن هذا من خيانة المعاندين وهو يوهم إسقاط أحاديث مناقب أهل البيت ( عليهم