كما في الصواعق المحرقة [1] ، وتاريخ الخلفاء [2] . وعدوا خلفاء بني أمية مع كونهم ليسوا بأهل للخلافة لفسقهم وظلمهم متساويين مع الاثني عشر المبشرين ، وهو مخالف مخالفة صريحة لمفهوم الحديث لأن مقتضى الحديث ، أن الخلفاء هم الذين ينصرون الدين ويقيمونه حتى يتقوى بهم الدين ، والحال أنهم ضيعوا أحكام الشرع ونقضوا حدوده ، وخالفوا الثقلين الذين وصي بتمسكهما ، وأكد أشد التوكيد كما عد السيوطي ، والقاري ، والتفتازاني ، والعسقلاني ، وغيرهم ( كما قال في تاريخ الخلفاء ) [3] . وإيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته ، والذي وقع أن الناس قد اجتمعوا على أبي بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي المرتضى إلى أن وقع أمر الحكمين في ( صفين ) فتسمى معاوية يومئذ بالخلافة ، ثم أجمع الناس على معاوية عند مصالحة الحسن ، ثم اجتمعوا على ولده يزيد ( عليه اللعنة ) ، ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل قبل ذلك . ثم اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير ، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة : الوليد ، ثم سليمان ، ثم يزيد ، ثم هشام ، وتخلل بين سليمان ، ويزيد ، وعمر بن عبد العزيز . فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين . والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام ( وهكذا في الصواعق المحرقة ) [4] . وقال القاري في ( شرح الفقه الأكبر ) : وكان الأمر كما قال النبي ( ص ) فالاثنا عشر هم الخلفاء الراشدون الأربعة ، ومعاوية ، وابنه يزيد ، وعبد الملك بن مروان ، وأولاده الأربعة ، يزيد ، وسليمان ، وهشام ، والوليد ، وبينهم عمر بن عبد العزيز . واتصال زمان الخلفاء واحد بعد واحد أوضح وأظهر من هذا الحديث ، وهو أحق بالقبول كما صرح به علماء أهل السنة [5] . ولكن عندهم أيضا يتم تعداد الخلفاء إلى قيام الساعة ، وإن كان بالانقطاع ، لكن ذكروه بصيغة التمريض أي قيل : وهذا مما لا ريب فيه ( أي في ضعفه ) ، وتنفر قائلوه عن الظلمة ، والفجرة ، والفساق لكنهم أولوا الحديث بخلاف مقتضاه الصحيح ( أعني الاتصال ) ، وأيضا عدوا منهم من ليس بأهلها ومن أجل ذلك قال النبي ( ص ) : أخاف على أمتي الأئمة المضلين ( رواه أبو داود والترمذي ، كذا في المشكاة - كتاب الفتن ) [6] . فالتأويل الصحيح : أن الخلفاء ، والأئمة الاثني عشر هم من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وقد اتصل زمانهم وختمت مدة ثلاثين سنة على علي ( ع ) ، والخلافة من بعده في ذريته الطاهرة بوصيته ( عليه السلام ) ، ومذهبهم مذهب واحد ، كما قال الملا معين في دراسات اللبيب : وللكل قدوة حسنة في ذلك بالأئمة الاثني عشر من أهل البيت ، وتابعيهم ، حيث كانوا لا يرون القياس ، وثبت ذلك عن بعضهم برواية الثقة العدل الشيخ قطب الدين عبد الوهاب الشعراني في " اللواقح " حيث روى عن الإمام أبي جعفر الصادق ( ع ) أنه قال لأبي حنيفة : بلغني أنك تقيس لا تقس فإن أول من
[1] الصواعق المحرقة ، ص 11 . [2] تاريخ الخلفاء ، ص 7 . [3] المصدر نفسه ، ص 7 . [4] الصواعق ، ص 11 . [5] شرح الفقه الأكبر ، ص 84 . [6] المشكاة ، ج 2 ، ص 455 .