وقال التفتازاني في شرح المقاصد : انعقدت الخلافة بالقهر والغلبة ، وكذا إن كان فاسقا أو جاهلا على الأظهر . ليت شعري إن محبة الخلفاء لتسلط أمراء بني أمية قد ركزت في قلوب الناس خلفا عن سلف ، ونسلا بعد نسل لقولهم " الناس على دين ملوكهم " وحبك الشئ يعمي ويصم ، فعكسوا النتيجة ، وما خافوا ها هنا من الدور الباطل لأن صحة الخلافة النبوية دائرة على الأدلة المجوزة وصحة الأدلة موقوفة على صحة الخلافة ، فلم تصح الخلافة ولا الأدلة . واعلم أن انعقاد الخلافة الأولى بالإجماع لا بالنص ( كما في شرح المواقف ) ، أما النص فلم يوجد [1] . وفي شرح العقائد : وذلك أن الصحابة قد اجتمعوا يوم توفي رسول الله ( ص ) في سقيفة بني ساعدة ، واستقر رأيهم بعد المشاورة والمنازعة على خلافة أبي بكر فأجمعوا على ذلك [2] . في إحياء العلوم للغزالي ( في الركن الرابع من المجلد الأول ) : ولم يكن نص رسول الله ( ص ) على إمام أصلا إذ لو كان لكان أولى بالظهور من نصبه آحاد الولاة والأمراء على الجيوش في البلاد ولم يخف ذلك فكيف خفي هذا ، وإذا ظهر فكيف اندرس حتى لم ينقل إلينا ، فلم يكن أبو بكر إماما إلا بالاختيار والبيعة ، وفي الصواعق : قال جمهور أهل السنة والخوارج والمعتزلة لم ينص على أحد [3] . وفي فتح الباري : واستدل بقول الأنصار " منا أمير ومنكم أمير " على أن النبي ( ص ) لم يستخلف ، وبذلك صرح عمر ( كما سيأتي ) وعن عائشة قالت ( في قصة البيعة ) : فما كانت من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها لقد خوف عمر الناس . ( رواه البخاري كما في الفتح بقوله المذكور ) ، فأسسوا على زعمهم هذه الأصول الفاسدة ، ولم يوجبوا كونه علويا ولا فاطميا ولا هاشميا ولا ذا فضيلة لكون خلفائهم غير موصوفين بهذه الصفات ، ولئلا يطعن على خلافة الخلفاء الظلمة والفسقة من بني أمية ، وبني العباس لظهور صفاتهم وبروز حالاتهم [4] . قال العلامة الشوكاني في نيل الأوطار في شرح منتقى الأخبار : صحت إمامة الفاسق والظالم لأن الصحابة كانوا يصلون خلف أمراء بني أمية وكانت الدولة إذ ذاك لبني أمية وحالهم وحال أمرائهم لا يخفى [5] . فغاية أهل السنة من خلافة النبي ( ص ) انتظام السلطة ، والرعب ورفع الفساد لا الخلافة الإلهية . وقال الله " وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون " وهي بالمطابقة لا تحصل بدون تعليم خليفة الله في الأرض وهو النبي الأمين عليه صلوات الله رب العالمين ، وحصول الأمور السياسية والمعاشرة الدنيوية منه بالتضمن . والأنبياء وبعدهم خلفاؤهم واجب انقيادهم في أقوالهم وأفعالهم ، ألا ترى كيف أن العقل