قريش ، وصناديدهم في بدر ، وأمثال ذلك ، ولعله وجه ما قال الإمام أحمد بتكفيره لما ثبت عنده نقل تقريره [1] . وكذا نقله القاري في شرح قصيدة الأمالي [2] ، والقندوزي في " ينابيع المودة " . ولنختم هذا الفصل بقولنا : " لعنة الله عليه ، وعلى أعوانه وأحزابه " . فصل في ذكر معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فهو رجل صالح زاهد كما يتبين من خطبته بعد موت أبيه اللعين ، وترك خلافته ، ولما كان في خطبته تعلق عظيم بما اعترف من فضائح آبائه وجب علينا ذكرها . في حياة الحيوان : وذكر غير واحد أن معاوية بن يزيد لما خلع نفسه صعد المنبر فجلس طويلا ثم حمد الله وأثنى عليه ( إلى أن قال ) : على أن جدي معاوية قد نازع في هذا الأمر من كان أولى به منه ومن غيره لقرابته من رسول الله ، تعلم فضله وسابقته فركب جدي معه ما تعلمون وركبتم معه ما لا تجهلون حتى انتظمت لجدي الأمور ، فلما جاءه القدر المحتوم ، واخترمته أيدي المنون ، بقي مرتهنا بعمله فريدا في قبره ، ووجد ما قدمت يداه ، ورعى مرتكبه واعتداه ، ثم انتقلت الخلافة إلى يزيد أبي فتقلد أمركم لهوى كان أبوه فيه ، ولقد كان يزيد بسود فعله وإسرافه على نفسه غير خليق بالخلافة على أمة محمد ، فركب هواه واستحسن خطاه ، وأقدم على ما أقدم من جرأته على الله ، وبغيه على من استحل حرمته من أولاد رسول الله ، فقتل مدته ، وانقطع أثره ، ضاجع عمله ، وصار حليف حفرته رهين خطيئته وبقيت أوزاره وتبعاته ، وحصل ما قدم وندم حيث لا ينفعه الندم فلقد خلعت بيعتي من أعناقكم والسلام ، ( إنتهى ملخصا ) [3] . وهكذا في الصواعق المحرقة وفيه : فاستمر مريضا إلى أن مات ، ولم يخرج إلى الناس ولا صلى بهم ، ولا أدخل نفسه في شئ من الأمور [4] . ونقل الدميري في حياة الحيوان : أن بني أمية قالوا لمؤدبه ( أي أستاذ معاوية ) ، عمر المقصوص : أنت علمته هذا ، ولقنته إياه ، وسددته عن الخلافة وزينت له حب علي وأولاده وحملته على ما وسمنا بها من الظلم وحسنت له البدع حتى نطق بما نطق وقال ما قال . فقال : والله ما فعلته ولكنه مجبول ، ومطبوع على حب علي ، فلم يقبلوا منه ذلك وأخذوه ودفنوه حيا حتى مات .
[1] الفقه الأكبر ، ص 88 . [2] شرح قصيدة الأمالي ، ص 34 . [3] حياة الحيوان ، ج 1 ، ص 57 . [4] الصواعق المحرقة ، ص 134 .