وفي لباب النقول ( في حديث طويل في قصة الإفك ) : دعا رسول الله ( ص ) علي بن أبي طالب ، وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله فأما أسامة فأشار عليه بالذي يعلم من براءة أهله ، وأما علي ( عليه السلام ) فقال : لن يضيق الله عليك والنساء سواها كثيرة [1] ، وهكذا في مدارج النبوة [2] . وفي روضة الأحباب ، " والنساء سواها كثيرة والله أعلم " [3] . وفي تفسير ابن كثير : واستشار النبي ( ص ) عليا ، وأسامة في فراق عائشة [4] ، الخ . تتمة : في رد استدلال من قال إن الصحابة كلهم عدول إعلم أن هذا القول ليس بسديد على العموم بأن لا يصدر عن أحد من الصحابة ذنب مطلقا كما مر ، ولا بأن يكون كلهم ثقة في الرواية لما ثبت أن الوليد بن عقبة الصحابي فاسق بالقرآن ، وقد أمر الله سبحانه ورسوله بالتبين . وفي نزل الأبرار : ويتحرى في خبر الفاسق - في الحاشية المنهية من المصنف - لقوله تعالى " إن جاءكم فاسق " ، الآية نزلت في الوليد بن عقبة وكذلك قوله تعالى " أفمن كان مؤمنا " ، ومنه يعلم أن من الصحابة من هو فاسق كالوليد ، ومثله يقال في حق معاوية ، وعمرو ، والمغيرة ، وسمرة [5] . وفي ( إزالة الخفاء ) أخرج البيهقي عن ابن عمر قال : " كان عمر يأمرنا أن لا نأخذ إلا عن ثقة " [6] . قال عبد العزيز الدهلوي في فتاواه : " الصحابة كلهم عدول " [7] . ليت شعري إن الذي لا يجتنب الكبائر كيف لا يكذب في الرواية ، والكذب من أكبر الكبائر ، بل كاد الكذب أن يكون كفرا ، وقد ذم الله سبحانه كل أنواع الكذب من القول ، والحلف ، والوعد ، والشهادة ، وسماعه كما قال في كتابه المجيد " واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به واتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله " " والموفون بعهدهم إذا عاهدوا " ، " وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا " ، " والذين لا يشهدون الزور سماعون للكذب " ، بل أمر عباده " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " ، وقد أوعد رسوله ( ص ) " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " ، وعد الكذب من آية النفاق . وظني أنه ما من ذنب تكون جزئياته أكثر من الكذب إلا الخمر فإنه أكثر المنافع ، ومصدر المآثم ، وأم الخبائث يتلوث به عشرة أشخاص ( كما في الحديث ) .