أحدها : أنه كان يكتب فيما بين النبي ( ص ) وبين العرب كما صرح به المدائني ، وغيره [1] . ثانيها : إن كتابة الوحي لم تصح ، ومن ادعى فعليه تصريح آية آية كتبها معاوية على أن القائلين به قالوا في وجهه كلمة بالغة لا تدركها العقول [2] . في ( معاني الأخبار ) : إن وجه الحكمة في استكتاب النبي ( ص ) الوحي معاوية ، وعبد الله بن سعد ، ( وهما عدوان ) ، هو أن المشركين قالوا أن محمدا يقول هذا القرآن من تلقاء نفسه ، ويأتي في كل حادثة بآية يزعم أنها أنزلت عليه ، وسبيل من يضع الكلام في حوادث تحدث في الأوقات إن تغير الألفاظ إذا استعيد ذلك الكلام ، ولا يأتي به في ثاني الأمر وبعد مرور الأوقات إلا مغيرا عن حاله الأولى لفظا ومعنى ، أو لفظا دون معنى . فاستعان في كتابة ما ينزل عليه في الحوادث الواقعة بعدوين له في دينه عدلين عند أعدائه [3] . ثالثها : إن مطلق الكتابة لم تفد إذا لم يصحبها الإيمان كما روي في " مدارك التنزيل " في سورة الأنعام تحت قوله تعالى " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله " [4] ، أي سأقول وأملي هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح كاتب الوحي ، وقد أملى النبي ( ص ) عليه " ولقد خلقنا الإنسان - إلى قوله - خلقا آخر " فجرى على لسانه : فتبارك الله أحسن الخالقين . فقال عليه السلام : اكتبها فكذلك نزلت ، فشك وقال إن كان محمد صادقا فقد أوحي إلي كما أوحي إليه ، وإن كان كاذبا فقد قلت فارتد ، ولحق بمكة " . وهكذا في التفسير الحسيني ، ولباب النقول للسيوطي بفرق يسير في القصة ، وسيأتي في ( التكذيب على النبي ) بمعناه فإنه كان كاتب الوحي ثم ارتد فلم تعصمه ( الكتابة ) . على أن إيمان معاوية ، وأبيه معلوم ابتداء بأنهما كانا من المؤلفة قلوبهم بلا اختلاف . وأما انتهاء فلم يستحكم لهتكه حرمة عترة النبي المستلزمة لهتك حرمة النبي ( ص ) وتركه الاستمساك الواجب بالثقلين كما مر غير مرة . فصل : في مصالحة علي ( ع ) وابنه الحسن ( ع ) لمعاوية في الخصائص للنسائي عن ابن عباس ( في حديث طويل ) : نشهد أن نبي الله يوم الحديبية صالح المشركين فقال لعلي : أكتب يا علي : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله ، فلما كتب قالوا : لو نعلم أنك رسول الله لأطعناك ، فاكتب محمد بن عبد الله ، فقال رسول الله : أمح يا علي ( رسول