نام کتاب : صحيح شرح العقيدة الطحاوية نویسنده : حسن بن علي السقاف جلد : 1 صفحه : 550
يبصرون ) . . . قال ابن عباس : المعنى لأعميناهم عن الهدى ، فلا يهتدون أبدا إلى طريق الحق . وقال الحسن والسدي : المعنى لتركناهم عميا يترددون . فالمعنى : لأعميناهم فلا يبصرون طريقا إلى تصرفهم في منازلهم ولا غيرها . وهذا اختيار الطبري ] . وروي عن عبد الله بن سلام وكان يهوديا ثم أسلم أنه فسر هذه الآية بأن هذا الأمر هو المرور على الصراط الذي هو جسر حينما يمد يوم القيامة فيطمس الله أبصارهم وهم عليه [ أنظر " تفسير القرطبي " ( 15 / 50 ) ] . فالظاهر أنه حدث بهذا إن ثبت عنه مما كان يحفظه ويعلمه من التوراة ، فتكون هذه الفكرة قد دخلت على المسلمين من باب الإسرائيليات ثم انتشرت عند كثيرين وأصبحت معتمدة لديهم [326] .
[326] وخاصة أن راوي الحديث وهو أبو هريرة رضي الله تعالى عنه ممن روى عن عبد الله بن سلام كما تجد ذلك في كتب الجرح والتعديل [ انظر مثلا " تهذيب الكمال " ( 15 / 75 ) ] وهذا مثل كثير من الأمور التي يتداولها العوام يحسبونها حقائق كقولهم إن سيدنا أيوب عليه السلام قد مرض حتى كان الدود يمشي على بدنه فكلما سقطت دودة أعادها وقال لها ارجعي وكلي نصيبك ! ! وهذا من الكذب الإسرائيلي البحت ، لأن الأنبياء معصومين من الأمراض الظاهرة المنفرة ومرض سيدنا أيوب كان باطنيا ولم يظهر عليه ما ينفر الإنسان منه ، وليس بعيد منا أيضا حديث التربة الذي في مسلم ( 4 / 2149 برقم 2789 ) والذي نص البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1 / 413 - 414 ) بأن الأصح أنه من كلام كعب الأحبار حيث رواه عنه أبو هريرة فظنه الرواة الذين جاءوا بعده أنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم . وهو في الواقع ليس كذلك ، وبالتالي فهو حديث إسرائيلي دخل في الصحيح ومنه تعلم بأن كتاب الصحيح ليس معصوما من أن يدخله الخطأ والوهم والإسرائيليات بشهادة علماء هذا الفن ، واعلم أن الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو كتاب الله تعالى فاعرف ذلك جيدا . وليس هذا هو أول حديث ولا آخر حديث يتكلم عليه العلماء من أحاديث الصحيحين كما هو معلوم ، بل إن هناك أحاديث أخرى ، منها مثلا حديث شريك الذي في الإسراء والذي رواه البخاري ( 13 / 478 ) وقد نقل الحافظ ابن حجر في شرحه هناك ( 13 / 483 ) قول أهل العلم الذين سبقوه فيه ومن ذلك قوله هناك : " قال الخطابي : ليس في هذا الكتاب يعني صحيح البخاري حديث أشنع ظاهرا ولا أشنع مذاقا من هذا الفصل " ثم قال الحافظ بعد ذلك : " وقد روي هذا الحديث عن أنس من غير طريق شريك فلم يذكر فيه هذه الألفاظ الشنيعة " . وهذا يدلنا على أن في الصحيح أشياء شنيعة ، وهي مستشنعة بشهادة فحول الحافظ وكبار العلماء والمحدثين ، فافهم هذا ولا تنسه . ثم إن النقد ليس مقيدا في الأحاديث التي نصوا عليها في الصحيح ، وإنما قد يدرك وينقد الباحث والعالم المحقق ما لا يدركه وينقده غيره وليس الباب مقفلا ومقتصرا على أناس دون آخرين ما دام النقد مبني علي العلم والمعرفة . وقد روى البخاري نفسه في الصحيح ( 1 / 204 ) عن أبي جحيفة قال : قلت لعلي ( رضوان الله عليه ) هل عندكم كتاب ؟ فقال : " لا إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم . . . " فتأمل ! !
550
نام کتاب : صحيح شرح العقيدة الطحاوية نویسنده : حسن بن علي السقاف جلد : 1 صفحه : 550