نام کتاب : المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 215
ونحن مأمورون أن نقتدي بهما ؛ بل من اعتقد أنه يجوز له أن يخرج عن طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتصديقه في شيء من أموره الباطنة والظاهرة فإنه يجب استتابته فإن تاب وإلا قتل كائنا من كان . وأما ما ذكره الحكيم الترمذي في أصناف الرحمة . فلا ريب أن الرحمة أصناف متنوعة كما ذكره . وليس في الحديث : « رحمة من عندك » وإنما فيه : « فاغفر لي مغفرة من عندك » ولكن مقصوده أن يشبه هذه بقوله : { وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً } [ 8 / 3 ] وقد جعل هذه المغفرة من عنده سبحانه مغفرة مخصوصة ليست مما يبذل للعامة ، كما أن الرحمة المخصوصة ليست مما يبذل للعامة . وهذا الكلام في بعضه نظر . وهو كغيره من المصنفين في كلامه مردود ومقبول . فليس في قوله - صلى الله عليه وسلم - : « مغفرة من عندك » [1] ، ولكن في قول الراسخين في العلم : { وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً } [ 8 / 3 ] ونحو ذلك لا يقتضي اختصاص هذا الشخص دون غيره وإلا لما ساغ لغيره أن يدعو بهذا الدعاء وهو خلاف الإجماع أو تفسير اللفظ بما لا يدل عليه . وقد قال زكريا : { هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً } ولم تكن الذرية مختصة به ولا بالأنبياء ؛ بل الله يخرج الأنبياء من الكفار إذا شاء ولكن بمشيئته والله أعلم أنه إذا قال : ( من عندك ) أو ( من لدنك ) كان مطلوبا بغير فعل العبد . فإن ما يعطيه الله العبد على وجهين : منه ما يكون بسبب فعله كالرزق الذي يرزقه الله بكسبه والسيئات التي يغفرها الله بالحسنات