نام کتاب : المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 194
ثم قد يتسلطون هم أنفسهم على أولئك يهينونهم ويعاقبونهم أضعاف ما كان أولئك يخافونه ابتداء ؛ كمن يطلب منه شهادة الزور أو الكلام في الدين بالباطل ؛ إما في الخبر وإما في الأمر أو المعاونة على الفاحشة والظلم ، فإن لم يجبهم آذوه وعادوه . وإن أجابهم فهم أنفسهم يتسلطون عليه فيهينونه ويؤذونه أضعاف ما كان يخافه ، وإلا عذب بغيرهم . فالواجب ما في حديث عائشة الذي بعثت به إلى معاوية ويروى موقوفا ومرفوعا : « من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس » ، وفي لفظ : « رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ، ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئا » وفي لفظ : « وعاد حامده من الناس ذاما » . وهذا يجري فيمن يعين الملوك والرؤساء على أغراضهم الفاسدة وفيمن يعين أهل البدع المنتسبين إلى العلم والدين على بدعهم . فمن هداه الله وأرشده امتنع عن فعل المحرم وصبر على أذاهم وعداوتهم ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة ، كما جرى للرسل وأتباعهم مع من آذاهم وعاداهم مثل المهاجرين في هذه الأمة ومن ابتلي من علمائها وعبادها وتجارها وولاتها . وقد يجوز في بعض الأمور إظهار الموافقة وإبطان المخالفة ، كالمكره على الكفر كما هو مبسوط في غير هذا الموضع . إذ المقصود هنا أنه لابد من الابتلاء بما يؤذي الناس ؛ لا خلاص لأحد مما يؤذيه ألبته ؛ ولهذا ذكر الله تعالى في غير موضع أنه لابد أن يبتلي الناس ، والابتلاء يكون بالسراء والضراء ، ولا بد أن يبتلي الإنسان بما يسره وما يسوؤه فهو محتاج إلى أن يكون صابرا شكورا ، قال الله تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } [ 7 / 18 ] ، وقال تعالى : { وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [ 168 / 7 ] ، وقال تعالى : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ
194
نام کتاب : المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 194