responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 85


وجل فيهما وتصريفه لها وأما عرضه تعالى الأمانة على السماوات والأرض والجبال وإباية كل واحد منها فلسنا نعلم نحن ولا أحد من الناس كيفية ذلك وهذا نص قوله تعالى « ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم » فمن تكلف أو كلف غيره معرفة ابتداء الخلق وأن له مبدئا لا يشبهه البتة فأراد معرفة كيف كان فقد دخل في قوله تعالى « وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم » إلا أننا نوقن أنه تعالى لم يعرض على السماوات والأرض والجبال الأمانة إلا وقد جعل فيها تمييزا لما عرض عليها وقوة تفهم بها الأمانة فيما عرض عليها فلما أبتها وأشفقت منها سلبها ذلك التمييز وتلك القوة وأسقط عنها تكليف الأمانة هذا ما يقتضيه كلامه عز وجل ولا مزيد عندنا على ذلك وأما ما كان بعد ابتداء الخلق فمعروف الكيفيات قال تعالى « وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته » فصح أنه لا تبديل لما رتبه الله تعالى مما أجرى عليه خلائقه حاشا ما أحال فيه الرتب والطبائع للأنبياء عليهم السلام فإن اعترضوا أيضا بقول الله تعالى يصف الحجارة وإن من الحجارة « لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله » فقد علمنا بالضرورة أن الحجارة لم تؤمر بشريعة ولا بعقل ولا بعث إليها نبي قال تعالى « وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا » فإذ لا شك في هذا فإن القول منه تعالى يخرج على أحد ثلاثة أوجه أحدها أن يكون الضمير في قوله تعالى « وإن منها لما يهبط » راجع إلى القلوب المذكورة في أول الآية في قوله تعالى « ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة » الآية فذكر تعالى أن من تلك القلوب القاسية ما يقبل الإيمان يوما ما فيهبط عن القسوة إلى اللين من خشية الله تعالى وهذا أمر يشاهد بالعيان فقد تلين القلوب القاسية بلطف الله تعالى ويخشى العاصي وقد أخبر عز وجل أن من أهل الكتاب من يؤمن بالله وما انزل إلينا وما انزل إليهم وكما أخبر تعالى أن من الأعراب من يؤمن بالله من بعد أن أخبر تعالى أن الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله فهذا وجه

85

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست