نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 100
لذلك الملك هردوس بن هردوس وقبل هذا الملك من حكماء بني إسرائيل وخيارهم وعلمائهم جماعة ولم يذكر من شأن المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام أكثر من هذا ( قال أبو محمد رضي الله عنه ) وإنما ذكرت هذا الكلام لأرى ان هذا المذهب كان فيهم ظاهرا فاشيا في أئمتهم من حينئذ إلى الآن ثم انقسم اليهود جملة على قسمين فقسم أبطل النسخ ولم يجعلون ممكنا والقسم الثاني أجازوه إلا أنهم قالوا لم يقع وعمدة حجة من أبطل النسخ ان قالوا أن الله عز وجل يستحيل منه أن يأمر بالأمر ثم ينهى عنه ولو كان كذلك لعاد الحق باطلا والطاعة معصية والباطل حقا والمعصية طاعة ( قال أبو محمد رضي الله عنه ) لا نعلم لهم حجة غير هذه وهي من أضعف ما يكون من التمويه الذي لا يقوم على ساق لأن من تدبر أفعال الله كلها وجميع أحكامه وآثاره تعالى في هذا العالم تيقن بطلان قولهم هذا لأن الله تعالى يحيى ثم يميت ثم يحيي وينقل الدولة من قوم أعزة فيذلهم إلى قوم أذله فيعزهم ويمنح من شاء ما شاء من الأخلاق الحسنة والقبيحة ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ثم نقول لهم وبالله التوفيق ما تقولون فيمن كان قبلكم من الأمم المقبول دخولها فيكم إذا غزوكم أليس دماؤهم لكم حلالا وقتلهم حقا وفرضا وطاعة ولا بد من نعم فنقول لهم فإن دخلوا في شريعتكم ليس قد حرمت دماؤهم وصار عندكم قتلهم حراما وباطلا ومعصية بعد أن كان فرضا وحقا وطاعة فلا بد من نعم ثم أن عدوا في السبت وعملوا أليس قد عاد قتلهم فرضا بعد أن كان حراما فلا بد من نعم فهذا إقرار ظاهر منهم ببطلان قولهم وإثبات منهم لما أنكروه من أن الحق يعود باطلا والأمر يعود نهيا وإن الطاعة تعود معصية وهكذا القول في جميع شرائعهم لأنها إنما هي أوامر في وقت محدود بعمل محدود فإذا خرج ذلك الوقت عاد ذلك الأمر منهيا عنه كالعمل هو عندهم مباح في الجمعة محرم يوم السبت ثم يعود مباحا يوم الأحد وكالصيام والقرابين وسائر الشرائع كلها وهذا بعينه هو
100
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 100