وأما اخبار الآحاد فمتى صح اسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبة موجبة للعمل بها دون العلم وكانت بمنزلة شهادة العدول عند الحاكم في انه يلزمه الحكم بها في الظاهر وان لم يعلم صدقهم في الشهادة . وبهذا النوع من الخبر أثبت الفقهاء أكثر فروع الاحكام الشرعية في العبادات والمعاملات وسائر أبواب الحلال والحرام وضللوا من اسقط وجوب العمل باخبار الآحاد في الجملة من الرافضة والخوارج وسائر أهل الأهواء . واما الخبر المستفيض المتوسط بين التواتر والآحاد فإنه يشارك التواتر في ايجابه للعلم والعمل ويفارقه من حيث ان العلم الواقع عنه يكون علما مكتسبا نظريا والعلم الواقع عن التواتر يكون ضروريا غير مكتسب . وهذا النوع من الخبر على اقسام : منها اخبار الأنبياء في أنفسهم وكذلك خبر من أخبر النبي عن صدقه يكون العلم لصدقه مكتسبا . ومنها الخبر المنتشر من بعض الناس إذا أخبر به بحضرة قوم لا يصح منهم التواطؤ على الكذب وادعى عليهم وقوع ما أخبر عنه بحضرتهم فإذا لم ينكر عليه أحد منهم علمنا صدقة فيه . وبهذا النوع من الاخبار علمنا معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم في انشقاق القمر وتسبيح الحصا في يده وحنين الجذع إليه لما فارقه واشباعه الخلق الكثير من الطعام اليسير ونحو ذلك من معجزاته غير القرآن المعجز نظمه فان ثبوت القرآن وظهوره عليه وعجز العرب والعجم عن المعارضة بمثله معلوم بالتواتر الموجب للعلم الضروري . ومنها أخبار مستفيضة بين أئمة الحديث والفقه وهم مجمعون على صحتها كالاخبار في الشفاعة والحساب والحوض والصراط والميزان