- والصف الثاني منهم : أئمة الفقه من فريقي الرأي والحديث ، من الذين اعتقدوا في أصول الدين مذاهب الصفاتية في الله وفي صفاته الأزلية ، وتبرأوا من القدر والاعتزال ، وأثبتوا رؤية الله تعالى بالأبصار من غير تشبيه ولا تعطيل ، وأثبتوا الحشر من القبور ، مع إثبات السؤال في القبر ، ومع إثبات الحوض والصراط والشفاعة وغفران الذنوب التي دون الشرك . وقالوا بدوام نعيم الجنة على أهلها ، ودوام عذاب النار على الكفرة ، وقالوا بإمامة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وأحسنوا الثناء على السلف الصالح من الأمة ، ورأوا وجوب الجمعة خلف الأئمة الذين تبرأوا من أهل الأهواء الضالة ، ورأوا وجوب استنباط أحكام الشريعة من القرآن والسنة ومن إجماع الصحابة ، ورأوا جواز المسح على الخفين ، ووقوع الطلاق الثلاث ، ورأوا تحريم المتعة ، ورأوا وجوب طاعة السلطان فيما لبس بمعصية . ويدخل في هذه الجماعة أصحاب مالك ، والشافعي ، والأوزاعي ، والثوري وأبي حنيفة ، وابن أبي ليلى ، وأصحاب أبي ثور ، وأصحاب أحمد بن حنبل ، وأهل الظاهر ، وسائر الفقهاء الذين اعتقدوا في الأبواب العقلية أصول الصفاتية ، ولم يخلطوا فقهه بشيء من بدع أهل الأهواء الضالة . - والصنف الثالث منهم : هم الذين أحاطوا علما بطرق الأخبار والسنن المأثورة عن النبي عليه السلام ، وميزوا بين الصحيح والسقيم منها ، وعرفوا أسباب الجرح والتعديل ، ولم يخلطوا علمهم بذلك بشيء من بدع أهل الأهواء الضالة . - والصنف الرابع منهم قوم أحاطوا علما بأكثر أبواب الأدب والنحو والتصريف وجروا على سمت أئمة اللغة كالخليل وأبى عمرو بن العلاء وسيبويه والفراء والأخفش والأصمعي والمازني وأبى عبيد وسائر أئمة النحو من الكوفيين والبصريين الذين لم يخلطوا علمهم بذلك بشيء من بدع القدرية أو الرافضة أو الخوارج ومن مال منهم إلى شيء من الأهواء الضالة لم يكن من أهل