ثم زاد على هذا بان قال ان الله تعالى لا يقدر على ان يعمى بصيرا أو يزمن صحيحا أو يفقر غنيا إذا علم ان البصر والصحة والغنى أصلح لهم وكذلك لا يقدر على ان يغنى فقيرا أو يصحح زمنا إذا علم ان المرض والزمانة والفقر أصلح لهم . ثم زاد على هذا ان قال انه لا يقدر على ان يخلق حية أو عقربا أو جسما يعلم ان خلق غيره أصلح من خلقه . وقد أكفرته البصرية من المعتزلة في هذا القول وقالوا ان القادر على العدل يجب ان يكون قادرا على الظلم والقادر على الصدق يجب ان يكون قادرا على الكذب وان لم يفعل الظلم والكذب لقبحهما أو غناه عنهما وعلم بغناه عنهما لان القدرة على الشيء يجب ان يكون قدرة على صده فإذا قال النظام ان الله تعالى لا يقدر على الظلم والكذب لزمه ان لا يكون قادرا على الصدق والعدل والقول بأنه لا يقدر على العدل كفر فما يؤدى إليه مثله . وقالوا أيضا لا فرق بين قول النظام إنه يكون من الله تعالى مالا يقدر على صده ولا على تركه وبين قول من زعم انه مطبوع على فعل لا يصح منه خلافه وهذا كفر فما يؤدى إليه مثله . ومن عجائب النظام في هذه المسألة انه صنف كتابا على الثنوية وتعجب فيه من قول المانوية بان النور يأمر اشكاله المختلفة بالظلمة يفعل الخير وهي مما لا تقدر على الشر ولا يصح منها فعل الشرور وتعجب من ذم الثنوية الظلمة على فعل الشر مع قولها بان الظلمة لا تستطيع فعل الخير ولا تقدر الا على الشر فيقال له إذا كان الله عندك مشكورا على فعل العدل والصدق وهو غير قادر على فعل الظلم والكذب فما وجه انكارك على الثنوية ذم الظلم على الشر وهى عندهم لا تعذر على خلاف ذلك ؟ الفضيحة الثانية من فضائحه قوله ان الانسان هو الروح وهو جسم لطيف