responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 426


وَهَذَا بِخِلَافِ الْخَبَثِ الْمُسْتَهْلَكِ الْمُسْتَحِيلِ : كَاسْتِحَالَةِ الْخَمْرِ ، فَإِنَّ الْخَمْرَ إذَا انْقَلَبَتْ فِي الدَّنِّ بِإِذْنِ اللَّهِ كَانَتْ طَاهِرَةً بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ، وَكَذَلِكَ جَوَانِبُ الدَّنِّ فَهُنَاكَ يُغْسَلُ الْإِنَاءُ ، وَهُنَا لَا يُغْسَلُ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحَالَةَ حَصَلَتْ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ دُونَ الْآخَرِ .
وَأَيْضاً فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ الْفَصْلَ بَيْنَ الْمَاءَيْنِ ، وَاَلَّذِي يَنْجَسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ وَمَا لَا يَنْجَسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ ، لَقَالَ : إذَا لَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ نُجِّسَ ، وَمَا بَلَغَهُمَا لَمْ يَنْجَسْ ، إلَّا بِالتَّغَيُّرِ انْجَرَّ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ .
فَأَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ : " { إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ } " مَعَ أَنَّ الْكَثِيرَ يَنْجَسُ بِالِاتِّفَاقِ ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَقْصُودِ ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الْعَادَةِ لَا يَحْمِلُ الْخَبَثَ فَلَا يُنَجِّسُهُ ، فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ انْتِفَاءِ سَبَبِ التَّنَجُّسِ ، وَبَيَانٌ لِكَوْنِ التَّنَجُّسِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ هُوَ حَمْلُ الْخَبَثِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْمِسَ الْقَائِمُ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا ثَلَاثاً ، فَهُوَ لَا يَقْتَضِي تَنَجُّسَ الْمَاءِ بِالِاتِّفَاقِ ، بَلْ قَدْ يَكُونُ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْمَاءِ أَثَراً ، أَوْ أَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إلَى التَّأْثِيرِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِأَعْظَمَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّنَجُّسِ ، وَأَيْضاً فَإِنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : " { إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرَيْهِ مِنْ الْمَاءِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ } " .
فَأَمَرَ بِالْغَسْلِ مُعَلِّلاً بِمَبِيتِ الشَّيْطَانِ عَلَى خَيْشُومِهِ ، فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِلْغَسْلِ غَيْرَ النَّجَاسَةِ وَالْحَدَثِ الْمَعْرُوفِ .
وَقَوْلُهُ : " { فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ } " يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ ذَلِكَ ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْعِلَّةُ مِنْ الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ الَّتِي شَهِدَ لَهَا النَّصُّ بِالِاعْتِبَارِ .
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِيهِ بَعْدَ الْبَوْلِ ، فَهَذَا إنْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ

426

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 426
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست