وَكَذَلِكَ غَمْسُ الْجُنُبِ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ وَالْجُرْنِ النَّاقِصِ لَا يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلاً .وَأَمَّا مِقْدَارُ الْمَاءِ الَّتِي إذَا اغْتَسَلَ فِيهِ الْجُنُبُ ، لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلاً إذَا كَانَ كَثِيراً مِقْدَارَ قُلَّتَيْنِ .وَأَمَّا الطَّاسَةُ الَّذِي تُوضَعُ عَلَى أَرْضِ الْحَمَّامِ فَالْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ طَاهِرٌ لَا يَنْجَسُ إلَّا بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ ، فَالْأَصْلُ فِي الْأَرْضِ الطَّهَارَةُ ، حَتَّى تُعْلَمَ نَجَاسَتُهَا ، لَا سِيَّمَا مَا بَيْنَ يَدَيْ الْحِيَاضِ الْفَائِضَةِ فِي الْحَمَّامَاتِ ، فَإِنَّ الْمَاءَ يَجْرِي عَلَيْهَا كَثِيراً .وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .75 - 59 أَجْوِبَةٌ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ .وَكَذَلِكَ فِي الْمَائِعَاتِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ الطَّيِّبَاتِ وَحَرَّمَ الْخَبَائِثَ ، وَالْخَبِيثُ مُتَمَيِّزٌ عَنْ الطَّيِّبِ بِصِفَاتِهِ ، فَإِذَا كَانَ صِفَاتُ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ صِفَاتِ الطَّيِّبِ دُونَ الْخَبِيثِ ، وَجَبَ دُخُولُهُ فِي الْحَلَالِ دُونَ الْحَرَامِ .وَأَيْضاً : فَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ : أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحَيْضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتِنُ ؟فَقَالَ : " { الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ } " .قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدِيثٌ صَحِيحٌ .وَفِي الْمُسْنَدِ أَيْضاً : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " { الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ } " .وَهَذَا اللَّفْظُ عَامٌّ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ، وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ النَّجَاسَاتِ وَأَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ فَإِنَّمَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ ؛ لِأَنَّ جُرْمَ النَّجَاسَةِ بَاقٍ ، فَفِي اسْتِعْمَالِهِ اسْتِعْمَالٌ لَهَا ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَالَتْ ، فَإِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ ، وَلَيْسَ هُنَاكَ نَجَاسَةٌ قَائِمَةٌ .