الَّتِي لَا دَمَ مَعَهَا عَلَى رَأْيٍ مُخْتَارٍ ، وَالْوَلَدُ طَاهِرٌ ، وَتَجِبُ بِالْمَوْتِ ، وَلَا يُقَالُ هُوَ نَجِسٌ ، وَتَجِبُ بِالْإِسْلَامِ عِنْدَ طَائِفَةٍ ، فَقَوْلُهُمْ : إنَّمَا أَوْجَبَ طَهَارَةَ الْحَدَثِ ، أَوْ أَوْجَبَ الِاغْتِسَالَ : نَجِسٌ ، مُنْتَقِضُ بِهَذِهِ الصُّوَرِ الْكَثِيرَةِ ، فَبَطَلَ طَرْدُهُ ، فَإِنْ ضَمُّوا إلَى الْعِلَّةِ كَوْنَهُ خَارِجاً انْتَقَضَ بِالرِّيحِ وَالْوَلَدِ نَقْضاً قَادِحاً .ثُمَّ يُقَالُ : قَوْلُكُمْ " خَارِجٌ " وَصْفٌ طَرْدِيٌّ ، فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِرَازُ بِهِ ، ثُمَّ إنَّ عَكْسَهُ أَيْضاً بَاطِلٌ ، وَالْوَصْفُ عَدِيمُ التَّأْثِيرِ ، فَإِنَّ مَا لَا يُوجِبُ طَهَارَةَ الْحَدَثِ مِنْهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ نَجِسٌ كَالدَّمِ الَّذِي لَمْ يَسِلْ ، وَالْيَسِيرِ مِنْ الْقَيْءِ ، وَأَيْضاً فَسَيَأْتِي الْفَرْقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَهَذِهِ أَوْجُهٌ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ .وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : التَّطْهِيرُ مِنْهُ أَبْعَدُ مِنْ تَطْهِيرِهِ ، فَجُمِعَ مَا بَيْنَ مُتَفَاوِتَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ ، فَإِنَّ الطَّهَارَةَ مِنْهُ طَهَارَةٌ عَنْ حَدَثٍ ، وَتَطْهِيرُهُ إزَالَةُ خَبَثٍ ، وَهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَالْأَسْبَابُ وَالْأَحْكَامُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ، فَإِنَّ هَذِهِ تَجِبُ لَهَا النِّيَّةُ دُونَ تِلْكَ .وَهَذِهِ مِنْ بَابِ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ ، وَتِلْكَ مِنْ بَابِ اجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ، وَهَذِهِ مَخْصُوصَةٌ بِالْمَاءِ أَوْ التُّرَابِ ، وَقَدْ تُزَالُ تِلْكَ بِغَيْرِ الْمَاءِ فِي مَوَاضِعَ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي مَوَاضِعَ عَلَى رَأْيٍ ، وَهَذِهِ يَتَعَدَّى حُكْمُهَا مَحَلَّ سَبَبِهَا إلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ ، وَتِلْكَ يَخْتَصُّ حُكْمُهَا بِمَحَلِّهَا ، وَهَذِهِ تَجِبُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ السَّبَبِ أَوْ فِيهِ ، وَفِي غَيْرِهِ ، وَتِلْكَ تَجِبُ فِي مَحَلِّ السَّبَبِ فَقَطْ ، وَهَذِهِ حِسِّيَّةٌ وَتِلْكَ عَقْلِيَّةٌ ، وَهَذِهِ جَارِيَةٌ فِي أَكْثَرِ أُمُورِهَا عَلَى سُنَنِ مَقَايِيسِ الْبَاحِثِينَ ، وَتِلْكَ مُسْتَصْعَبَةٌ عَلَى سَيْرِ الْقِيَاسِ ، وَهَذِهِ وَاجِبَةٌ بِالِاتِّفَاقِ ، وَفِي وُجُوبِ الْأُخْرَى خِلَافٌ مَعْلُومٌ ، وَهَذِهِ لَهَا بَدَلٌ ، وَفِي بَدَلِ تِلْكَ فِي الْبَدَنِ خَاصَّةً خِلَافٌ ظَاهِرٌ .وَبِالْجُمْلَةِ : فَقِيَاسُ هَذِهِ الطَّهَارَةِ عَلَى تِلْكَ الطَّهَارَةِ كَقِيَاسِ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَجِّ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ ، وَتِلْكَ عِبَادَةٌ مَعَ اخْتِلَافِ الْحَقِيقَتَيْنِ .وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ : وَهُوَ إلْحَاقُهُ بِالْمَذْيِ ، فَقَدْ مَنَعَ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ عَلَى قَوْلٍ بِطَهَارَةِ الْمَذْيِ ، وَالْأَكْثَرُونَ سَلَّمُوهُ وَفَرَّقُوا بِافْتِرَاقِ الْحَقِيقَتَيْنِ ، فَإِنَّ هَذَا يُخْلَقُ مِنْهُ الْوَلَدُ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْإِنْسَانِ وَذَلِكَ بِخِلَافِهِ .أَلَا تَرَى أَنَّ عَدَمَ الْإِمْنَاءِ عَيْبٌ يُبْنَى عَلَيْهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ مُنْشَؤُهَا عَلَى أَنَّهُ نَقْصٌ ،