فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ : هُوَ الْأَصْلُ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَخْبَاثِ .وَالثَّانِي : هُوَ الْأَصْلُ وَالْقَاعِدَةُ ، وَالضَّابِطُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ ، وَالثَّالِثُ : الْفَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الطَّاهِرَاتِ ، وَهُوَ قِيَاسُ الْعَكْسِ .فَالْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْحُجَجِ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .أَمَّا الْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ فَضَعِيفٌ جِدّاً لِوَجْهَيْنِ .أَحَدُهُمَا : أَنَّ اللَّامَ فِي الْبَوْلِ لِلتَّعْرِيفِ ، فَتُفِيدُ مَا كَانَ مَعْرُوفاً عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ ، فَإِنْ كَانَ الْمَعْرُوفُ وَاحِداً مَعْهُوداً فَهُوَ الْمُرَادُ ، وَمَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عَهْدٌ بِوَاحِدٍ أَفَادَتْ الْجِنْسَ ، إمَّا جَمِيعُهُ عَلَى الْمُرْتَضَى ، أَوْ مُطْلَقُهُ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ النَّاسِ ، وَرُبَّمَا كَانَتْ كَذَلِكَ .وَقَدْ نَصَّ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاللِّسَانِ وَالنَّظَرِ فِي دَلَالَاتِ الْخِطَابِ أَنَّهُ لَا يُصَارُ إلَى تَعْرِيفِ الْجِنْسِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ شَيْءٌ مَعْهُودٌ ، فَأَمَّا إذَا كَانَ ثَمَّ شَيْءٌ مَعْهُودٌ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى : { كَمَا أَرْسَلْنَا إلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ } .صَارَ مَعْهُوداً بِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ ، وَقَوْلُهُ : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ } .هُوَ مُعَيَّنٌ لِأَنَّهُ مَعْهُودٌ بِتَقَدُّمِ مَعْرِفَتِهِ وَعِلْمِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِتَعْرِيفِ جِنْسِ ذَلِكَ الِاسْمِ حَتَّى يَنْظُرَ فِيهِ ، هَلْ يُفِيدُ تَعْرِيفَ عُمُومِ الْجِنْسِ ، أَوْ مُطْلَقَ الْجِنْسِ .فَافْهَمْ هَذَا ، فَإِنَّهُ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَسَالِكِ .فَإِنَّ الْحَقَائِقَ ثَلَاثَةٌ : عَامَّةٌ ، وَخَاصَّةٌ ، وَمُطْلَقَةٌ .فَإِذَا قُلْت : " الْإِنْسَانُ " قَدْ تُرِيدُ جَمِيعَ الْجِنْسِ ، وَقَدْ تُرِيدُ مُطْلَقَ الْجِنْسِ وَقَدْ تُرِيدُ شَيْئاً بِعَيْنِهِ مِنْ الْجِنْسِ .فَأَمَّا الْجِنْسُ الْعَامُّ فَوُجُودُهُ فِي الْقُلُوبِ وَالنُّفُوسِ عِلْماً وَمَعْرِفَةً وَتَصَوُّراً ، وَأَمَّا الْخَامِسُ مِنْ الْجِنْسِ مِثْلُ زَيْدٍ وَعَمْرٍو ، فَوُجُودُهُ هُوَ حَيْثُ حِلٌّ ، وَهُوَ الَّذِي