نام کتاب : أبناء الرسول في كربلاء نویسنده : خالد محمد خالد جلد : 1 صفحه : 147
لقد كانت تضئ إيمان الحسين وتستجيشه دوما ، تلك الكلمات الصادقة التي قالها جده العظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هلاك أمتي على أيدي أغيلمة من قريش ) . وها قد جاء زمان الأغيلمة ممثلا وممثلين في يزيد ، وابن زياد ، وما حولهما من بطانة الإثم والسوء . . ! ! وهناك حقيقة كان يدركها ( الحسين ) تماما ، ويدركها أبوه ( الإمام ) من قبله - هي أن بلاط معاوية وجيش الشام نفسه قد أفسحا مكانا رحبا وعريضا لكثيرين من المتورين الذين تظاهروا بالإسلام ليندسوا بين صفوفه مخربين ومدمرين . فالإيمان الذي حمل ( الحسين ) لواءه ، وذهب شهيده كان لهذا كله ، وبهذا كله ، إيمانا مستنيرا وواعيا ورشيدا . كذلك نواجه من حصاد كربلاء ودروسها ، ذلك الدرس العظيم عن عظمة التضحية ، وقداسة الحق . . فالقدر الحكيم ، يرتفع بالتضحية في ( كربلاء ) إلى أعلى مستوياتها المرموقة ، ويجعل منها ومن الحق ( قيمة مطلقة ) تحقق ذاتها داخل ضميرها أولا . . ثم تعكس جلالها وسلوكها على الزمان والمكان بعد ذلك . . إنه يفصلها عن كل شئ عداهما ، حتى عن النصر ذاته . . وهكذا رأينا اثنين وسبعين مقاتلا يصمدون لأربعة آلاف فارس يوما بأكمله ثم يستشهدون جميعا بعد أن ينزلوا بعدوهم خسائر فادحة تمثلت في زيادة أعداد قتلاه عن عدد أولئك المستشهدين . كأنما أراد القدر أن يقول لنا : إن الدرس الذي أريد إلقاءه اليوم ، ومن فوق منصة كربلاء الشاهقة ، لا يتمثل في قدرة القلة المؤمنة على إحراز النصر على الكثرة الساحقة ، فطالما ألقيت دروسا من هذا الطراز .
147
نام کتاب : أبناء الرسول في كربلاء نویسنده : خالد محمد خالد جلد : 1 صفحه : 147