وعليه فمن القريب أن تكون هذه الآراء لهشام هي من الأثر الرواقي جاءه من طريق أبي شاكر الديصاني ، بل من الجائز أن تكون نزعته الحسية المادية هي أصداء للنزعة الرواقية . انعكست في تفكيره بواسطة الديصانية . ( الثانية ) ثم اعتنق مذهب الجهم بن صفوان ، وهو من الجبرية المتطرفة [1] يقول ابن النديم في ترجمة هشام : " كان أولا من أصحاب الجهم بن صفوان " [2] . ويقول عمر بن يزيد السابري ( أحد شيوخ الإمامية ) : " وكان ابن أخي هشام يذهب في الدين مذهب الجهمية خبيثا فيهم " [3] . فهشام إذن من دعاة الجهمية ، ناظر على طريقتها ، متحمسا لها كما ينبئ عنه تعبير عمر بن يزيد ( خبيثا فيهم ) ، ونحن لا نعرف مبلغ تأثير الجهمية في تفكير هشام . نعم وجدنا بين بعض آرائه وبين بعض الآراء الجهمية شبها كاملا ، ومن البعيد أن يكون ذلك عفوا واتفاقا ، وخصوصا بعد أن علمنا أنه كان من أنصار المذهب الجهمي ، فلا بد والحالة هذه أن تكون صلته بالجهم أو بطريقته قد تركت في تفكيره بعض الآراء الجهمية . وهناك آراء له لا تختلف عن آراء الجهم بشئ ، مثال ذلك : أنه نسب إليه القول " بأن الله لا يجوز أن يعلم الشئ قبل خلقه ، وأن الأشياء لا تعلم قبل كونها ، وأنه محال أن
[1] الملل للشهرستاني ج 1 ص 46 . [2] ملحقات الفهرست ص 7 وانظر أوائل المقالات هامش ص 56 . [3] عن الكشي ج 3 ص 166 .