ويعتمدون لذلك على ركيزة كبرى ، هي نشر آراء الفلاسفة وإكبارها والاعتماد عليها إضعافا للروح الإسلامية وحطا للفضائل العربية . وسبب ثالث إعجاب الرشيد بهشام وميله إليه حين سمع كلامه في النبي . ومن الطبيعي أن يولد هذا في نفس يحيى روح الكراهية والنقمة عليه ، إذ أصبح منافسا له في مكانته لدى الرشيد ، وقربه من قلبه ، قد يؤدي ذلك يوما ما إلى انهيار مركزه عنده وضعف سلطانه ومكانه منه ، وقد كان يحيى يحاول دون شك - الاستحواذ والاستئثار بكل ذلك ، وبالطبع وجود من يعجب الخليفة به ويميل إليه كهشام عائق كبير عن تحقيق هذه الغاية ، لذلك عمل يحيى على إبعاد هشام وإغراء الرشيد به . وسبب رابع أن آراء هشام في الإمام وفي صفاته من النزاهة والعفة والاخلاص وسواها [1] تتناول بطريق غير مباشر انتقاد كل خليفة لم يتصف بتلك الصفات ، وهي انتقاد صريح لتصرفات الخلفاء من بني العباس وسواهم المسرفين ، ولسلبهم أرزاق الشعب واغتصابهم أموال الأمة والفقراء الكادحين . وتصريحه أخيرا بأنه إذا دعاه الإمام لحمل السيف والخروج معه خرج وفعل ذلك ، وهو بمسمع من الرشيد من الأسباب الرئيسية في إثارة نقمة الرشيد عليه . وتراكمت هذه العناصر حتى دفعت بالرشيد إلى الانتقام منه