ونظريتهم بالاختيار ، وأن الإنسان هو الذي يصنع مصيره وأعماله ، تجعل الحاكمين مسؤولين عن أعمالهم وتصرفاتهم ككل إنسان آخر ، وهذه النظرية رد على من قال بأن الإنسان ليس هو الذي يصنع أعماله وإنما الموجد لها هو الله ، هذا القول الذي يؤدي حتما إلى أن الفاجر الظالم ليس مسؤولا عن تصرفاته العدوانية لأنها لم تصدر بإرادته وفعله وليس له فيها اختيار فلا يكون مسؤولا عنها . ونظريتهم بالعدل الرامية إلى استحالة صدور أي ظلم من الخالق تمنع من مساواة المجرم بغير المجرم عند الله وإلا لما كان عادلا ، وهي في روحها رد على المرجئة الذين ساووا بين إيمان أعظم الفجرة المجرمين وإيمان أكرم البررة الصالحين . وريع الأمويون والطبقة الحاكمة لهذه النظريات ، وضاقوا بها ذرعا ، وأدركوا ما يكمن فيها من خطر على سلطانهم ومن تهديد لدولتهم ، وما يكمن في طبيعتها من روح الثورة عليهم . وقلق الأمويون حين وصم الشيعة معاوية والأمويين جميعا بالكفر . فذهبوا يتلمسون المبررات لعسفهم ، ويلهثون لاستنباط ما يؤكد إيمانهم وحسن إسلامهم ، ويبرر كذلك عدوانهم على حياة الناس وأرزاقهم ، وكان الشيعة من بين أولئك الناس الذين انصب عليهم شواظ غضب الأمويين ، فقد كانت بيوتهم خربة ، والذين بقوا منهم في الحياة كانوا يعيشون على الكفاف ، تتلقفهم يد الدولة ويطاردهم الرعب في كل دروب الأرض . ولكنهم كانوا يملكون مع ذلك فكرا وأدبا ، جعل همه كله أن