ذلك من أدلتهم في مسألة نفي الرؤية والجبر وخلق القرآن وسواها . بل أصبح عندهم من الأصول الثابتة لزوم تأويل كل ظاهر للكتاب أو للسنة مخالف لحكم عقلي قطعي إن أمكن ، وإلا وجب طرحه . وهذا بخلاف المعتزلة الذي أعرضوا عن مثل هذه المحاولة . ويريد بعضهم أن يرد أصول التفكير الشيعي إلى المعتزلة وأن يجعله امتدادا لها . ويعتمد لهذه الدعوى على ما يوجد في كتب الشيعة الكلامية من مباحث العدل والتوحيد ، وعلى قولهم بأن الحجة في قول المعصوم ، وبضرورة وجود أمام معصوم ، وإن هذا كله مما قال به المعتزلة ، وخصوصا النظام منهم [1] . وقد غالى عبد الرحمن الشرقاوي في ذلك ، حين قال : إن الشيعة التقطوا كثيرا من أفكار المعتزلة ، بل انضم إليهم بعض رجال الفكر من الشيعة . فزيد إمام الزيدية إحدى الفرق الشيعية اختلف إلى واصل بن عطاء وتلقى العلم على يديه " [2] . يعتمدون على ذلك ، ويتذرعون به لربط الفكرة الشيعية بالفكرة الاعتزالية ، وأنها مولودة عنها .
[1] أنظر الحضارة الإسلامية ج 1 ص 128 طبعة ثانية . [2] أنظر مجلة الغد عدد 2 - 3 يونيه - يوليه 1953 ص 16 - 20 بعنوان : " أول ثورة في الفكر العربي " .