على قول المعتزلة ، الذي قصدوا إلى تنزيه الخالق من الظلم والقبيح فوقعوا فيما هو أشنع وهو الحد من سلطان الله ومن تأثيره في فعل الإنسان . ورأى هشام وسائر الشيعة هو توفيق بين ذينك الرأيين وتوسط بين الفريقين ، وهم قد أخذوا هذا القول عن الأئمة من أهل البيت ، وتتبعوا فيه آثارهم ، فقد جاء عن الإمام الصادق في حديث المفضل أنه قال : " لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين " [1] . وجاء في حديث يونس بن عبد الرحمن عن الإمامين الباقر والصادق " أن الله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون ، قال ( السائل ) فسئلا هل بين الجبر والقدرة منزلة ثالثة ؟ قال : نعم أوسع ما بين السماء والأرض " [2] . والإمام الصادق أول من قرر فكرة أمر بين أمرين ، وعنه أخذها الشيعة ، واتسعت لأكثر من تفسير ، ومن تلك التفاسير ما حكي عن هشام نفسه أنه قال : إن الأفعال " اختيار من جهة أنه أرادها وأكسبها ، واضطرار من جهة أنها لا تكون إلا عند حدوث السبب المهيج " [3] . ويقصد بذلك أن الأفعال التي تصدر عن الإنسان هي نتيجة أسباب متعددة ، وكل واحد منها له تأثير في حصولها ، منها حركة الإنسان واكتسابه للفعل ، وهي ترجع إليه مستقلا
[1] التوحيد ص 371 . [2] المصدر نفسه ص 369 . [3] مقالات ما بين ص 107 إلى ص 127 .