العربية ، ون وراثات الأمم الأجنبية . ونضجت في نهاية العهد الأموي العقلية ، وتبلورت فيه الحياة العامة تبلورا بينا ، وبدت في الأفق الاسلامي تتكون ألوان جديدة من التفكير والحضارة . - 2 - وجاء الدور العباسي وانطلقت قافلة ذلك المجتمع بقوة واندفاع لا نظير له في حقب التاريخ . وأحدث هذا الاندفاع انقلابا عاما كاملا ، وامتزاجا عجيبا . فكان المجتمع العباسي جديد الوجه والروح كما كان جديد الحضارة والتفكير ، وكما كان عربي اللسان مسلم العقيدة ، كان من جهة ثانية فارسي اللون والطابع عالمي التفكير والثقافة . وينحسر ذلك الانقلاب عن مزاج عجيب من عناصر شتى مختلفة ، التقت في العقيدة الواحدة ، واقترنت بألوان عديدة من التفكير والتاريخ ، وألوان كثيرة من الحضارات والوراثات . وقد انحشرت في هذا المجتمع الشعوب العربية ، ودخلت فيه العناصر الآرية والسامية الأخرى ، وكان لكل منها لون خاص من التفكير والحضارة والتاريخ . ولا بدع بعد هذا أن يتفجر في هذا المجتمع أعجب مزاج فكري في تاريخ الفكر والانسان ، وأن يكون المجتمع العباسي هو الشاطئ الفريد من بين المجتمعات التاريخية ، انتهت إليه هذه الموجة الضخمة الثقافية والفكرية ، وتلاطمت على ضفافه في عتو وطغيان . وقد اندلعت منها ثورة عقلية محمومة بالنزعات المختلفة والآراء المتباينة ، لا سيما بعد أن مهدت الطريق لهذه الثورة