وأعشبها بالحياة ، وأقبلت عليه مدهوشة تبصر الدنيا على هداه ، وتمسح عن عيونها أشباح الماضي المظلم ، وركام التقاليد والعادات العمياء ، التي حبست عليها سبل الحياة ، وأوصدت في وجهها طريق الخير . عطرة الأنفاس طيبة الريح ، عبقت بها جوانب الدنيا ، وتغلبت على ما فيها من أنفاس . ورأت فيه دعوة صريحة ومناداة حثيثة لتحرير الفكر الإنساني من عبودية الأوهام ورواسب العادات ، ودعوة كريمة لتحرير الإنسان من أسار وأغلال فرضها المجتمع الماضي ، دعوة كريمة لم ير مثلها في كل الديانات السالفة . وافتتن العرب بأضواء هذا الفجر الجديد ، وصعقوا أمام هذه الموجة الروحية والفكرية مدهوشين ، وشغفوا بجمالها وألوانها . فهبوا يحملون رايتها إلى الشعوب الأخرى يبشرون بها ويرشدون إليها . ثم امتد هذا الفجر إلى جوانب الدنيا يمينا وشمالا ، وأظل آفاق العالم بشعاعه الموار ، فأخذت تتهافت عليه أمم وشعوب أخرى ، عريقة بالتمدين ، ذات ماض زاخر بالحضارة والعمران ، وذات تراث سخي بالفن والفكر والمعرفة ، تتهافت عليه هذه الشعوب الأجنبية لتقتبس النور وتهتدي على سناه . وأحدث انضوائها إلى الإسلام انقلابا كبيرا في التفكير والاتجاه والحياة ، وبدأت تلوح على المجتمع الاسلامي أطوار من التفاعلات الفكرية والروحية ، كانت نتيجة اجتماع عناصر كثيرة ، تتلاقح وتتفاعل باطراد مستمر . وتتقوم تلك العناصر من طبيعة المد الإلهي الإسلامي ، ومن خصائص الطبيعة