للحوادث ، وإما أن يحدث في محل فيكون المحل موصوفا به لا الباري تعالى ، فتعين أنه لا محل له " [1] . فرأي هشام هنا مشتق من رأي الجهم بكامله ، ولعل هذا المذهب يشكل توسطا بين مذهب المعتزلة في العلم ، إذ ذهبوا إلى أنه عين الذات ، وبين مثبتي الصفات ، إذ ذهبوا إلى أنه صفة قديمة كانت منذ كان الله ، وقد وافقهم عليه الأشاعرة من بعدهم لأن القول بأنه ليس هو هو كما يقول المعتزلة ، ولا هو غيره كما يقول الزيدية وغيرهم ، وسط بين هذين القولين ، وهو أنه صفة لا محل لها ولا موصوف لها ، لأنه قد نفى كون العلم هو الله ، كما نفى أن يكون غيره ، وعليه يثبت أنه صفة لا محل لها . فهو قد وافق كلا من المعتزلة وأصحاب الصفات من جهة وخالفهم من جهة أخرى ، فوافق الزيدية في أن العلم صفة وخالفهم في أنها حادثة وليست ذات الخالق محلا لها ، وخالفهم في أنها صفة لأنه عندهم عين الذات وليست شئ آخر وراء الذات . هذا من حيث أصل قوله في العلم ، وأما في نتيجته فإنه يؤول إلى ما يقوله المعتزلة ، وبالأحرى إلى ما يقوله النظام في العلم وغيره أنه لا يوصف بأنه جسم ولا شئ ولا عرض ، ويعلل ذلك بأنها صفات والصفة لا توصف . وربما كان ذلك لأجل أن إثبات صفة كالعلم مثلا يستلزم إثبات الذات رأسا ويستلزم نفي ضد الصفة عنه وهو الجهل فكأن التعبير بالعلم له مدلولان ، الأول إثبات الذات ، والثاني نفي ضد الصفة