" ليس يخلو القديم ( الله ) من أن يكون لم يزل عالما لنفسه كما قالت المعتزلة ، أو عالما بعلم قديم كما قالت الزيدية ، أو عالما على الوجه الذي أذهب إليه " [1] ويقصد بالوجه الذي يذهب إليه أن العلم حادث . فهو إذن يخالف جمهور المعتزلة الذي يرون أن الله عالم لنفسه وبنفسه كما هو قادر لنفسه وحي لنفسه وهكذا ، فإن القدرة والعلم والحياة عنده غير ذاته ، ويخالف أصحاب الصفات من الزيدية وسواهم ، فإنهم يذهبون إلى أن الله عالم بعلم قديم كما هو قادر بقدرة قديمة وهكذا ، وأن صفاته ليست ذاته بل هي زائدة على الذات [2] . ولما كان قول أصحاب قدم العلم واضح الفساد عنده ، للزوم وجود اثنين من القدماء ، انصب على المعتزلة يناقشهم رأيهم فقال : " فإن كان عالما بدقائق الأمور وجلائلها لنفسه فهو لم يزل يعلم أن الجسم متحرك لنفسه ، لأنه الآن عالم لذلك ، وما علمه الآن فهو لم يزل عالما به . . فإن كان هذا هكذا فلم يزل الجسم متحركا ، لأنه لا يجوز أن يكون الله لم يزل عالما بأن الجسم متحرك إلا وفي الوجود جسم متحرك على ما وقع به العلم ، ولا بد أيضا من أن يكون لا يزال عالما بأن الجسم متحرك إذا النفس التي لها ومن أجلها علم ذلك لا تزال موجودة " [3] .