بها خصمه ، حتى عرفه عمرو بن عبيد من غير أن يعلمه باسمه . وقد حملته هذه النزعة النقدية على أن يقصد عمرو بن عبيد من الكوفة إلى البصرة لأجل أن يناظره في الإمامة ، ويقطع هذه المسافة الشاسعة إرضاء لنزعته الجدلية القوية فيه . وبعامل هذه النزعة وضع أكثر مؤلفاته في الجدل والردود ، فهو قد وضع كتابا للرد على الزنادقة ، وكتابا للرد على أصحاب الاثنين ، وآخر للرد على أصحاب الطبائع ، ورابعا للرد على هشاك الجواليقي ، وخامسا للرد على شيطان الطاق ، وكذا وضع كتابا للرد على أرسطاليس وثلاثة كتب للرد على المعتزلة وسوى ذلك . فروح النزعة الجدلية تمثلت في كتبه الردودية التي شملت أكثر الفرق التي كان معها في نضال وحوار ، من الزنادقة وأصحاب الطبائع الثنوية والفلاسفة والمعتزلة وسواها ، ولم يسلم من نقده وجدله حتى بعض عظماء الإمامية مثل أبي جعفر الأحول المعروف بشيطان الطاق وهشام بن سالم الجواليقي . ومن أبرز الجوانب التي ظهرت فيها مواهب هشام في المحاورة والجدال ، هو محاوراته مع المعتزلة وبعض الخوارج والزيدية وسواهم في مسألة الإمامة التي تناولتها تلك المناظرات من نواح شتى ، كما ستعرف في موضعه . وهنا تجد قوة منطقة ودقة تفكيره وقدرته على إفحام خصومه بأسلوب استدراجي تنهار معه حجج خصومه من حيث لا يشعرون .